للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن هو لم يقدِر على المجامعة، وكانت به علة مرض، أو كان غائبًا، أو كان مُحْرِمًا، أو شيء له فيه عذر، ففاء بلسانه، وأشهد على الرِّضا؛ فإنّ ذلك له فَيْءٌ -إن شاء الله- (١) [٨٤٢]. (ز)

٨٣١٩ - قال مقاتل بن سليمان: {فَإنْ فاؤُوا}، يعني: فإن رجع فى يمينه فجامعها قبل أربعة أشهر فهي امرأته، وعليه أن يُكَفِّر عن يمينه (٢). (ز)

٨٣٢٠ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قال: الفَيْءُ: الجماعُ (٣) [٨٤٣]. (ز)


[٨٤٢] سبق ذِكْرُ الخلاف في صفة اليمين التي يكون الرجل بها مُؤْلِيًا، وعلى قدر هذا الخلاف اختلف المختلفون في تأويل الفيء. وعلَّق ابنُ جرير (٤/ ٥٩) على هذا بقوله: «فمَن كان مِن قوله: إنّ الرجل لا يكون مُؤْلِيًا من امرأته الإيلاء الذي ذكره الله في كتابه إلا بالحلف عليها أن لا يجامعها؛ جَعَل الفَيْءَ الرجوعَ إلى فِعْلِ ما حَلَفَ عليه أن لا يفعله من جماعها، وذلك الجماع في الفَرْج إذا قدر على ذلك وأمكنه، وإذا لم يقدر عليه ولم يمكنه فإحداث النية أن يفعله إذا قدر عليه وأمكنه، وإبداء ما نوى من ذلك بلسانه ليعلمه المسلمون في قول من قال ذلك. وأما قول من رأى أنّ الفيء هو الجماع دون غيره؛ فإنّه لم يجعل العائق له عذرًا، ولم يجعل له مخرجًا من يمينه غير الرجوع إلى ما حلف على تركه، وهو الجماع. وأمّا مَن كان من قوله: إنّه قد يكون مُؤْلِيًا منها بالحلف على ترك كلامها، أو على أن يسوءها، أو يغيظها، أو ما أشبه ذلك من الأيمان؛ فإنّ الفَيْءَ عنده الرجوعُ إلى ترك ما حلف عليه أن يفعله مما فيه مساءتها بالعزم على الرجوع عنه، وإبداء ذلك بلسانه في كل حال عَزَم فيها على الفَيْء».
[٨٤٣] اختُلِف فيما يكون به المؤلي فائيًا؛ فقال بعضهم: لايكون فائيًا إلا بالجماع. وقال آخرون: الفيء: المراجعة باللسان أو القلب في حال العذر، وفي غير حال العذر الجماع. وذهب البعض إلى أن الفيء المراجعة باللسان على كل حال.
ورجّح ابنُ جرير (٤/ ٦٠) القول الأول مستندًا إلى الدلالات العقلية، فقال: «لأَنَّ الرجل لا يكون مُؤْلِيًا عندنا من امرأته إلا بالحلف على ترك جِماعها، فإذ كان ذلك هو الإيلاء فالفيء الذي يُبْطِلُ حكم الإيلاء عنه لا شك أنّه غير جائز أن يكون إلا ما كان الذي آلى عليه خلافًا؛ لأَنَّه لَمّا جعل حكمه إن لم يَفِئْ إلى ما آلى على تركه الحكم الذي بَيَّنَه الله لهم في كتابه كان الفيءُ إلى ذلك معلومًا أنّه فعل ما آلى على تركه إن أطاقه، وذلك هو الجماع، غير أنّه إذا حيل بينه وبين الفيء الذي هو الجماع بُعْذَر، فغير كائن تاركًا جماعَها على الحقيقة؛ لأنّ المرء إنما يكون تاركًا ما له إلى فعله وتركه سبيل، فأمّا مَن لم يكن له إلى فعل أمر سبيل، فغير كائنٌ تاركَه. وإذ كان ذلك كذلك فإحداثُ العزم في نفسه على جماعها مُجْزِئٌ عنه في حال العذر، حتى يجد السبيل إلى جماعها، وإن أبدى ذلك بلسانه، وأشهد على نفسه في تلك الحال بالأَوْبَة والفَيْء كان أعْجَبَ إلَيَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>