[٨٤٣] اختُلِف فيما يكون به المؤلي فائيًا؛ فقال بعضهم: لايكون فائيًا إلا بالجماع. وقال آخرون: الفيء: المراجعة باللسان أو القلب في حال العذر، وفي غير حال العذر الجماع. وذهب البعض إلى أن الفيء المراجعة باللسان على كل حال. ورجّح ابنُ جرير (٤/ ٦٠) القول الأول مستندًا إلى الدلالات العقلية، فقال: «لأَنَّ الرجل لا يكون مُؤْلِيًا عندنا من امرأته إلا بالحلف على ترك جِماعها، فإذ كان ذلك هو الإيلاء فالفيء الذي يُبْطِلُ حكم الإيلاء عنه لا شك أنّه غير جائز أن يكون إلا ما كان الذي آلى عليه خلافًا؛ لأَنَّه لَمّا جعل حكمه إن لم يَفِئْ إلى ما آلى على تركه الحكم الذي بَيَّنَه الله لهم في كتابه كان الفيءُ إلى ذلك معلومًا أنّه فعل ما آلى على تركه إن أطاقه، وذلك هو الجماع، غير أنّه إذا حيل بينه وبين الفيء الذي هو الجماع بُعْذَر، فغير كائن تاركًا جماعَها على الحقيقة؛ لأنّ المرء إنما يكون تاركًا ما له إلى فعله وتركه سبيل، فأمّا مَن لم يكن له إلى فعل أمر سبيل، فغير كائنٌ تاركَه. وإذ كان ذلك كذلك فإحداثُ العزم في نفسه على جماعها مُجْزِئٌ عنه في حال العذر، حتى يجد السبيل إلى جماعها، وإن أبدى ذلك بلسانه، وأشهد على نفسه في تلك الحال بالأَوْبَة والفَيْء كان أعْجَبَ إلَيَّ».