للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٨٣ - عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق سِماك- في قوله: {الطلاق مرّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}، قال: إذا أراد الرجل أن يُطَلِّق امرأتَه فيطلقها تطليقتين، فإن أراد أن يراجعها كانت له عليها رجعة، فإن شاء طلقها أخرى، فلم تَحِلَّ له حتى تنكح زوجًا غيره (١). (ز)

٨٥٨٤ - عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قال: كان أهل الجاهلية يُطَلِّق أحدُهم امرأتَه، ثم يراجعها، لا حَدَّ في ذلك، هي امرأته ما راجعها في عِدَّتِها، فجعل الله حَدَّ ذلك يصير إلى ثلاثة قروء، وجعل حَدَّ الطلاق ثلاث تطليقات (٢). (ز)

٨٥٨٥ - عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- {الطلاق مرّتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}، أما قوله: {الطلاق مرتان} فهو الميقات الذي يكون عليها فيه الرَّجْعَة (٣) [٨٥٨]. (ز)

٨٥٨٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {الطلاق مرتان}، قال: كان الطلاق -قبل أن يجعل الله الطلاقَ ثلاثًا- ليس له أمَدٌ، يُطَلِّق الرجل امرأته مائةً، ثم إن أراد أن يراجعها قبل أن تَحِلَّ كان ذلك له، وطلَّق رجلٌ امرأتَه حتى إذا كادت أن تَحِلَّ ارْتَجَعَها، ثُمَّ استأنف بها طلاقًا بعد ذلك لِيُضارَّها بتركها، حتى إذا كان قبل انقضاء عِدَّتِها راجعها، وصنع ذلك مرارًا. فلَمّا عَلِم اللهُ ذلك منه جعل الطَّلاق ثلاثًا؛ مَرَّتَيْن، ثم بعد المَرَّتَيْن إمْساكٌ بمعروف، أو تَسْرِيحٌ بإحسان (٤) [٨٥٩]. (ز)


[٨٥٨] وجَّهَ ابنُ جرير (٤/ ١٢٧) تفسير الآية على هذا القول الذي قال به عروة، وعكرمة، والسدي، وابن زيد، وقتادة بقوله: «فتأويل الآية على هذا الخبر: عددُ الطلاق الذي لكم -أيها الناس- فيه على أزواجكم الرَّجْعَة إذا كُنَّ مدخولًا بِهِنَّ: تطليقتان، ثم الواجب على مَن راجع منكم بعد التطليقتين إمساكٌ بمعروف، أو تسريحٌ بإحسان؛ لأنّه لا رجعة له بعد التطليقتين إن سرحها فطَلَّقها الثالثة».
[٨٥٩] اختُلِف في تفسير هذه الآية؛ فقال بعضهم: هو دلالة على عدد الطلاق الذي يكون للرجل فيه الرجعة على زوجته، والعدد الذي تَبِينُ به زوجته منه. وقال آخرون: إنما أُنزِلت هذه الآية على النبي - صلى الله عليه وسلم - تعريفًا من الله عبادَه سُنَّةَ طلاقهم نساءَهم، لا دلالة على العدد الذي تَبِينُ به المرأة من زوجها.
ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ١٢٩) القولَ الأولَ الذي قال به عروة، وقتادة، وابن زيد، والسُّدِّيُّ، وعكرمة مُسْتَنِدًا إلى القرآن، فقال: «وذلك أنّ الله -تعالى ذكره- قال في الآية التي تتلوها: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}، فعَرَّف عبادَه القَدْرَ الذي به تَحْرُمُ المرأةُ على زوجها إلا بعد زوج، ولم يُبَيِّن فيها الوقتَ الذي يجوز الطلاق فيه والوقت الذي لا يجوز ذلك فيه».
وعَلَّق ابنُ عطية (١/ ٥٦١) بعد ذكره لكلا القولين، فقال: «والآيةُ تتضمنُ هذين المعنيين».

<<  <  ج: ص:  >  >>