ورَجَّح ابنُ جرير (٤/ ٤١٢) القولَ الأخير الذي قاله سعيد بن جبير، والزهري، وعطاء من طريق ابن جريج، مستندًا إلى دلالة العموم، ونظائر القرآن، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- ذكر في سائر آيِ القرآن التي فيها ذِكْرُ مُتْعَةِ النساء خصوصًا من النساء، فبَيَّن في الآية التي قال فيها: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}، وفي قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [الأحزاب: ٤٩] ما لَهُنَّ من المتعة إذا طُلِّقْنَ قبل المسيس، وبقوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن} [الأحزاب: ٢٨] حكم المدخول بهن. وبقي حكم الصبايا إذا طلقن بعد الابتناء بهن، وحكم الكوافر، والإماء. فعمَّ الله -تعالى ذكره- بقوله: {وللمطلقات متاع بالمعروف} ذِكْرَ جميعِهِنَّ، وأخبر بأنّ لَهُنَّ المتاعَ، كما أبان المطلقات الموصوفات بصفاتهن في سائر آيِ القرآن، ولذلك كرر ذكر جميعهن في هذه الآية». [٩٣٢] على هذا القول الذي قاله مجاهد وعطاء من طريق ابن أبي نجيح فالمطلقات هنا: الثيبات اللواتي قد جومعن. ونقل ابنُ جرير (٤/ ٤١٠) توجيه قائلي هذا القول لقولهم، فقال: «قالوا: وإنّما قلنا ذلك لأنّ غير المدخول بهن في المتعة قد بينها الله -تعالى ذكره- في الآيات قبلها، فعلمنا بذلك أنّ في هذه الآية بيان أمر المدخول بهن في ذلك». وعَلَّق ابنُ عطية (١/ ٦٠٨) على هذا القول، فقال: «فهذا قولٌ بأن التي قد فرض لها قبل المسيس لم تدخل قطُّ في هذا العموم. فهذا يجيء قوله على أنّ قوله تعالى: {وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] مخصصة لهذا الصنف من النساء، ومتى قيل: إنّ العموم تناولها. فذلك نسخٌ لا تخصيص».