للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها الوباء. فأرسل الله تعالى عليهم الموتَ، فلمّا رَأَوْا أنّ الموت كثر فيهم خرجوا من ديارهم فِرارًا من الموت، فلمّا رأى الملِك ذلك قال: اللهم ربَّ يعقوب وإله موسى، قد ترى معصية عبادك، فأرِهِم آيةً في أنفسهم، حتى يعلموا أنّهم لا يستطيعون الفرار منك. فلمّا خرجوا قال لهم الله: موتوا. عقوبةً لهم، فماتوا جميعًا وماتت دوابُّهم كموت رجل واحد، فأتى عليهم ثمانيةُ أيام حتى انتفخوا، وأَرْوَحَتْ أجسادُهم (١)، فخرج إليهم الناسُ، فعجزوا عن دفنهم، فحَظَرُوا عليهم حظيرةً دون السباع، وتركوهم فيها، ... وقال الكلبي: هم كانوا قوم حِزْقِيل، أحياهم الله بعد ثمانية أيام، وذلك أنّه لما أصابهم ذلك خرج حِزْقِيل في طلبهم، فوجدهم مَوْتى، فبكى، وقال: يا ربِّ، كنتُ في قوم يحمدونك، ويُسَبِّحونك، ويُقَدِّسونك، ويُكَبِّرونك، ويُهَلِّلونك، فبَقِيتُ وحيدًا لا قوم لي. فأوحى الله تعالى إليه: أنِّي جعلت حياتَهم إليك. قال حزقيل: احْيُوا بإذن الله. فعاشوا (٢). (ز)

٩٨١١ - قال مقاتل بن سليمان: {ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ وهُمْ} من بني إسرائيل {أُلُوفٌ} ثمانية آلاف {حَذَرَ المَوْتِ} يعني: حذر القتل. وذلك أنّ نبيهم حِزْقِيل بن دوم -وهو ذو الكِفْل بن دوم- نَدَبَهم إلى قتال عدُوِّهم، فأَبَوْا عَلَيْه جُبْنًا عن عدوِّهم، واعْتَلُّوا. فقالوا: إنّ الأرض التي نُبْعَثُ إليها لِنُقاتِلَ عدوَّنا هي أرضٌ يكون فيها الطاعونُ، فأرسل الله - عز وجل - عليهم الموتَ، فلَمّا رَأَوْا أنّ الموتَ كَثُر فيهم خرجوا من ديارهم فِرارًا من الموت، فلَمّا رأى ذلك حِزْقِيل قال: اللَّهُمَّ ربَّ يعقوب وإلهَ موسى، قد ترى معصيةَ عبادك، فأرِهم آيةً في أنفسهم، حتّى يعلموا أنّهم لن يستطيعوا فِرارًا منك. فأمهلهم الله - عز وجل - حتّى خرجوا من ديارهم -وهي قرية تُسَمّى: دامَرْدان-، فلَمّا خرجوا قال الله - عز وجل - لهم: {فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا} عبرةً لهم، فماتوا جميعًا وماتت دوابُّهم كموت رَجُل واحد ثمانية أيام، فخرج إليهم الناس، فعجزوا عن دفنهم، حتّى حَظَرُواْ (٣) عليهم، وأَرْوَحَتْ أجسادُهم. ثُمَّ إنّ الله - عز وجل - أحياهم بعد ثمانية أيام، وبِهِنَّ نَتَنٌ شديد. ثُمَّ إنّ حِزْقِيل بكى إلى ربه - عز وجل -، فقال: اللَّهُمَّ ربَّ


(١) يقال: أرْوَح الماء وأراح إذا تغيرت ريحه، فمعنى قوله: «أروحت أجسادهم» أي: صارت لها رائحة كريهة. النهاية (روح).
(٢) تفسير الثعلبي ٢/ ٢٠٢ - ٢٠٣، وتفسير البغوي ١/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٣) يقال: حظر الرجل حظرًا إذا اتخذ حظيرة، وهي في الأصل: الموضع الذي يُحاط عليه لتأوِيَ إليه الغنمُ والإبل، يَقيهما البردَ والرّيح. النهاية، مادة (حظر).

<<  <  ج: ص:  >  >>