إبراهيم وإلهَ موسى، لا تكن على عبادك الظلمة كأنفسهم، واذكر فيهم ميثاق الأولين. فسمع الله - عز وجل -، فأمره أن يدعوهم بكلمة واحدة، فقاموا كقيام رجلٍ واحد كان وسْنانًا فاستيقظ. فذلك قوله - عز وجل -: {إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلى النّاسِ ولكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ}(١). (ز)
٩٨١٢ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: بَلَغَنِي: أنّه كان مِن حديثهم أنّهم خرجوا فِرارًا من بعض الأوباء؛ من الطاعون، أو من سَقَمٍ كان يصيب الناس، حذرًا من الموت، وهم ألوف، حتى إذا نزلوا بصعيد من البلاد قال لهم الله: موتوا. فماتوا جميعًا، فَعَمَدَ أهلُ تلك البلاد فَحَظَرُواْ عليهم حَظِيرَةً دُونَ السِّباع، ثم تركوهم فيها، وذلك أنّهم كَثُروا عَنْ أن يُغَيَّبُوا، فمرت بهم الأزمان والدهور، حتى صاروا عِظامًا نَخِرَة، فمَرَّ بهم حِزْقِيل بن بُوزِي، فوقف عليهم، فتعجَّب لأمرهم، ودخلتْه رحمةٌ لهم، فقيل له: أتُحِبُّ أن يحييهم الله؟ فقال: نعم. فقيل له: نادِهم. فقال: أيَّتُها العظامُ الرميمُ التي قد رَمَتْ وبَلِيَتْ، لِيَرْجِعْ كلُّ عظمٍ إلى صاحبه. فناداهم بذلك، فنظر إلى العظام تَواثَبُ، يأخذ بعضُها بعضًا، ثم قيل له: قُل: أيُّها اللحم والعصب والجلد، اكْسُ العظامَ بإذن ربك. قال: فنظر إليها والعصبُ يأخذ العظام ثم اللحم والجلد والأشعار، حتى اسْتَوَوْا خَلْقًا ليست فيهم الأرواح، ثم دعا لهم بالحياة، فتَغَشّاه من السماء شيءٌ كَرَبَه (٢) حتى غُشِي عليه منه، ثم أفاق والقوم جلوسٌ يقولون: سبحان الله! سبحان الله! قد أحياهم الله (٣)[٩٣٩]. (ز)
[٩٣٩] علَّقَ ابنُ عطية (١/ ٦١٠) على القصص الوارد في هذه الآية بقوله: «وهذا القصص كله لَيِّنُ الأسانيد، وإنّما اللازم من الآية أنّ الله تعالى أخبر نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أخبارًا في عبارة التنبيه والتوقيف، عن قومٍ من البشر خرجوا من ديارهم فِرارًا من الموت، فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم؛ ليَرَوْا هُمْ وكُلَّ مَن خَلَفَ بعدهم أنّ الإماتة إنّما هي بيد الله لا بيد غيره، فلا معنى لخوف خائف ولا لاغترارِ مُغْتَرٍّ، وجعل الله تعالى هذه الآية مُقَدِّمَةً بين يدي أمره المؤمنين من أُمَّةِ محمد بالجهاد. هذا قول الطبري، وهو ظاهر رَصْفِ الآية، ولِمُورِدِي القَصَصِ في هذه القصة زياداتٌ اختصرتُها؛ لضعفها».