للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لآيات القرآن على الإطلاق (١)، مع أنه ليس بأشهرهم لأسباب عدة، نوجز أبرزها فما يلي:

١ - ما تقدم من قوة حافظته، وكثرة ما سمع في التفسير. وهذا يعلل كثرة مروياته في التفسير، ونزول الآيات، والنسخ، واستشهاده بالسُّنَّة وأقوال المتقدمين أثناء تفسيره، حتى فاق أقرانه من التابعين.

٢ - تعدد مصادره، وكثرة شيوخه، فقد أخذ عن أهل بلده بالبصرة، خصوصًا أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-، وكذلك الحسن البصري الذي لازمه ثنتي عشرة سنة (٢)، حتى تأثر به في طرح التفسير بأسلوب وعظي ومنهج تربوي مؤثر. كذلك رحل خارج البصرة فأخذ عن سعيد بن المسيب بالمدينة فكان مِن أكثر مَن روى تفسيره.

٣ - عناية تلاميذه بنقل تفسيره، ونشر تراثه وروايته لمن بعده، يأتي على رأسهم سعيد بن أبي عروبة (ت: ١٥٦ هـ)، الذي بلغت مروياته عنه في الموسوعة (٢٩٣٨) رواية، يليه معمر بن راشد (ت: ١٥٣ هـ) الذي بلغت مروياته عنه في الموسوعة (١٤٦٤) رواية.

٤ - عدم دخوله في الفتن، مع أنه من أهل العراق الذي كان مصدرًا للفتن والقلاقل آنذاك، والتي كان من أشدها فتنة ابن الأشعث، فلم يشارك قتادة في مثل تلك الفتن بل كان على منهج شيخه الحسن البصري، في البعد عنها والسلامة منها.

٥ - تقدمه في اللغة، وعلومها، ومن هنا تميز تفسيره بالاستشهاد بالشعر وبيان اشتقاق الألفاظ ومعاني لغات العرب، كما تميز أسلوبه بجزالة الألفاظ، وجمال العبارة، وبلاغة القول.

في المقابل كانت هناك أمور يتوقع أن تؤثر في تفسير قتادة لكن لم يحصل شيء من ذلك (٣)! من أبرزها:

١ - قوله بالقدَر: قال ابن سعد عن قتادة: "كان ثقة مأمونًا، حجة في الحديث،


(١) المشهور في كتب تاريخ التفسير والتراجم أن مجاهدًا هو أكثر التابعين آثارًا في التفسير، وهذا صحيح من جهة كثرة روايات تفسيره وطرقه المختلفة؛ خصوصًا عند ابن جرير، لكن بالنظر إلى كثرة الآيات المفسَّرة وكثرة الأقوال المختلفة في التفسير فقد كشفت الموسوعة أن قتادة يفوقه في ذلك، والناظر في تفسير كثير من الآيات في هذه الموسوعة لا يكاد يجد لمجاهد قول فيها، بينما ينفرد قتادة عنه بتفسيرها، واللَّه أعلم.
(٢) تهذيب الكمال ٢٣/ ٥١٤.
(٣) وهذا يستدعي دراسةً وافيةً لبيان أسباب عدم تأثر قتادة بذلك، بينما في المقابل تأثر غير قتادة بمثل تلك الأسباب -كعكرمة ومقاتل بن سليمان والكلبي وغيرهم- بقلة ما روي عنه في التفسير مع شهرتهم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>