للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان يقول بشيء من القدر" (١)، وقال العجلي: "كان يقول بشيء من القدر، وكان لا يدعو إليه، ولا يتكلم فيه" (٢)، ومن هنا اشتد موقف بعض معاصريه منه كطاووس الذي كان إذا أتاه قتادة فرَّ منه (٣)؛ لكن لم يكن ذلك الموقف هو السائد منه، قال الذهبي عنه: "وكان يرى القدر -نسأل اللَّه العفو-، ومع هذا، فما توقف أحد في صدقه، وعدالته، وحفظه، ولعل اللَّه يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، واللَّه حكم عدل لطيف بعباده، ولا يُسأل عما يفعل، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعُلِم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه؛ يُغفر له زلله، ولا نضلِّله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم، ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك" (٤). وهذا الذي قاله الذهبي هو موقف الأئمة تجاه تفسير قتادة ومروياته، فقد تناقله نقلة التفسير وسُوِّدَت بمروياته كتب التفسير المأثور فكان من أكثر التابعين آثارًا في التفسير.

ومع كل ما قيل فقد جاء عنه روايات في التفسير تخالف هذا المعتقد مما يدل على رجوعه عن ذلك، واللَّه أعلم.

٢ - عدم التفرغ للتفسير، فقد كان رحمه اللَّه رأسًا في علوم عدة كما تقدم.

٣ - لم يُعمَّر طويلًا! مقارنة بمفسري التابعين المكثرين الآخرين. قال الذهبي: "ومات سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة ثماني عشرة بواسط، وله سبع وخمسون سنة رحمه اللَّه" (٥).

٤ - الجمع بين الرواية والدراية، فقد روى كثيرًا من تفسير الحسن البصري وسعيد بن المسيب، وقبلهم تفسير ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (٦).

٥ - قلة الاجتهاد والقول بالرأي، ومن هنا جاء عنه قوله: "ما أفتيت بشيء من رأيي منذ عشرين سنة" (٧).


(١) الطبقات الكبرى ٧/ ٢٢٩.
(٢) الثقات للعجلي ص ٣٨٩.
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة ٤/ ٧٠٤.
(٤) سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٧١.
(٥) تاريخ الإسلام ٣/ ٣٠٢. وقد اعتمدت الموسوعة وفاته عام ١١٧ هـ.
(٦) ينظر: تفسير التابعين ١/ ٢٨٢.
(٧) تاريخ الإسلام ٣/ ٣٠٢. وفي رواية أخرى: ما أفتيت برأيي منذ ثلاثين سنة. وعن أبي هلال قال: سألت قتادة عن مسألة، فقال: لا أدري. فقلت: قل برأيك. قال: ما أفتيت برأيي منذ أربعين سنة. ينظر: تهذيب الكمال ٢٣/ ٥٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>