للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموتى. وكان مَلِكُ تلك القريةِ مريضًا شديدَ المرض، فانطلق اليهوديُّ ينادي: مَن يَبْغِي طبيبًا؟ فأُخبر بالملك وبوجعه، فقال: أدْخِلُوني عليه؛ فأنا أُبرِئُه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أُحْيِيه. فقيل له: إنّ وجع الملك قد أعيا الأطِبّاء قبلك. قال: أدْخِلُوني عليه. فأُدْخل عليه، فأخذ برِجْلِ الملِك فضربه بعصاه حتى مات، فجعل يضربه وهو ميِّت، ويقول: قُمْ بإذن الله. فأخذوه ليصلبوه، فبلغ عيسى، فأقبل إليه وقد رُفِع على الخَشَبة، فقال: أرأيتُم إن أحييتُ لكم صاحبَكم أتتركون لي صاحبي؟ فقالوا: نعم. فأحيا عيسى الملِكَ، فقامَ وأنزل اليهوديَّ. فقال: يا عيسى، أنت أعظمُ الناس عَلَيَّ مِنَّةً، واللهِ، لا أُفارِقُك أبدًا. قال عيسى: أنشُدُك بالذي أحيا الشاةَ والعجل بعد ما أكلناهما، وأحيا هذا بعد ما مات، وأنزلك مِن الجذع بعد رفعك عليه لتُصلَب، كم كان معك رغيف؟ فحلف بهذا كلِّه ما كان معه إلا رغيفٌ واحد. فانطلقا، فمَرّا بثلاث لَبِناتٍ، فدعا الله عيسى فصَيَّرَهُنَّ مِن ذهب، قال: يا يهوديُّ، لَبِنَةٌ لي، ولَبِنَةٌ لك، ولَبِنَةٌ لِمَن أكل الرغيف. قال: أنا أكلتُ الرغيف (١). (٣/ ٥٨٤ - ٥٨٨)

١٣٠٢٨ - عن لَيْث [بن أبي سُلَيم]-من طريق جرير بن عبد الحميد-، قال: صَحِب رجلٌ عيسى ابن مريم، فانطلقا، فانتَهَيا إلى شَطِّ نهرٍ، فجلسا يتغدَّيان ومعهما ثلاثةُ أرْغِفَة، فأكلا رغيفين، وبقي رغيف، فقام عيسى إلى النهر يشرب، ثم رجع فلم يجد الرغيف، فقال للرجل: مَن أكل الرَّغيف؟ قال: لا أدري. فانطلق معه، فرأى ظَبْيَةً معها خِشْفان (٢)، فدعا أحدَهما، فأتاه، فذبحه، واشتوى، وأكلا، ثم قال للخَشْفِ: قُمْ بإذن الله. فقام، فقال للرجل: أسألك بالذي أراك هذه الآيةَ، مَن أكل الرغيف؟ قال: لا أدري. ثُمَّ انتهيا إلى البحر، فأخذ عيسى بيد الرَّجُلِ فمشى على الماء، ثم قال: أنشُدُك بالذي أراك هذه الآية، مَن أخذ الرّغيف؟ قال: لا أدري. ثُمَّ انتهيا إلى مغارةٍ، وأخذ عيسى ترابًا وطِينًا، فقال: كُن ذهبًا بإذن الله. فصار ذهبًا، فقسمه ثلاثة أثلاث، فقال: ثلث لك، وثلث لي، وثلث لمن أخذ الرَّغيف. قال: أنا أخذتُه. قال: فكُلُّه لك. وفارقه عيسى، فانتهى إليه رجلان، فأرادا أن يأخذاه ويقتلاه، قال: هو بيننا أثلاثًا، فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا طعامًا. فبعثوا أحدهم، فقال الذي بُعِث: لأيِّ شيء أُقاسِمُ هؤلاء المالَ؟ ولكن أضع في الطعام سُمًّا، فأقتلهم. وقال ذانِكَ: لأيِّ


(١) أخرجه ابن جرير ٥/ ٤٣٧ - ٤٤٠ عن السُّدِّيِّ، وابن عساكر ٤٧/ ٣٩٦ من طريق السُّدِّي عن أبي مالك وعن أبي صالح.
(٢) الخشف -مثلثة-: ولد الظبي أوّل ما يولد، أو أوّل مشيه. اللسان (خشف).

<<  <  ج: ص:  >  >>