للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: إنّ رجلًا دعا الله تعالى فجعل الماءَ خمرًا؛ لَيُسْتَجابَنَّ له حتى يُحْيِيَ ابني. فدعا عيسى، فكلَّمه، وسأله أن يدعوَ اللهَ أن يُحْيِيَ ابنَه، فقال عيسى: لا تفعلْ؛ فإنّه إن عاش كان شرًّا. قال الملِكُ: لا أبالي، أليس أراه؟ فلا أبالي ما كان. قال عيسى - عليه السلام -: فإن أحييتُه تتركوني أنا وأُمِّي نذهب حيث نشاء؟ قال الملك: نعم. فدعا اللهَ، فعاش الغلام، فلمّا رآه أهلُ مملكته قد عاش تنادَوا بالسلاح، وقالوا: أكلَنا هذا، حتّى إذا دنا موتُه يُرِيد أن يَسْتَخْلِفَ علينا ابنَه فيأكلَنا كما أكلَنا أبوه؟! فاقتتلوا، وذهب عيسى وأُمُّه، وصَحِبَهما يهوديٌّ، وكان مع اليهوديِّ رغيفان، ومع عيسى رغيف، فقال له عيسى: تشاركني؟ فقال اليهوديُّ: نعم. فلما رأى أنّه ليس مع عيسى - عليه السلام - إلا رغيفٌ نَدِم، فلما ناما جعل اليهوديُّ يريد أن يأكل الرغيف، فيأكل لقمة، فيقول له عيسى: ما تصنع؟ فيقول: لا شيء. حتى فرغ من الرغيف، فلمّا أصبحا قال له عيسى: هَلُمَّ طعامَك. فجاء برغيف، فقال له عيسى: أين الرَّغيفُ الآخر؟ قال: ما كان معي إلا واحد. فسكت عنه، وانطلقوا، فمَرُّوا براعي غنم، فنادى عيسى: يا صاحب الغنم، أجْزِرْنا (١) شاةً مِن غنمك. قال: نعم. فأعطاه شاةً، فذبحها، وشواها، ثُمَّ قال لليهوديِّ: كُل، ولا تَكْسِر عظمًا. فأكلا، فلما شبِعوا قذف عيسى العظامَ في الجِلْد، ثُمَّ ضربها بعصاه، وقال: قومي بإذن الله. فقامت الشاةُ تَثْغُو، فقال: يا صاحب الغنم، خذ شاتك. فقال له الراعي: مَن أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم. قال: أنت الساحرُ؟! وفرَّ منه، قال عيسى لليهوديِّ: بالذي أحيا هذه الشاةَ بعد ما أكلناها، كم كان معك من رغيف؟ فحلف ما كان معه إلا رغيفٌ واحد. فمَرَّ بصاحب بقر، فقال: يا صاحب البقر، أجْزِرْنا مِن بقرك هذه عِجْلًا. فأعطاه، فذبحه، وشواه، وصاحبُ البقر ينظر، فقال له عيسى: كُلْ، ولا تَكْسِرْ عظمًا. فلما فرغوا قذف العظام في الجلد، ثم ضربه بعصاه، وقال: قُم بإذن الله. فقام له خُوارٌ، فقال: يا صاحب البقر، خُذْ عِجْلَك. قال: ومَن أنت؟ قال: أنا عيسى. قال: أنت عيسى السّاحِرُ؟! ثُمَّ فرَّ منه، قال عيسى لليهوديِّ: بالذي أحيا هذه الشّاةَ بعد ما أكلناها، والعِجْلَ بعدما أكلناه، كم رغيفًا كان معك؟ فحلف بذلك ما كان معه إلا رغيف واحد. فانطلقا، حتى نزلا قريةً، فنزل اليهوديُّ في أعلاها وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهوديُّ عَصًا مثل عصا عيسى، وقال: أنا الآن أُحْيِي


(١) أجزرنا: أي: أعطنا شاة نذبحها. المعجم الوسيط (جزر).

<<  <  ج: ص:  >  >>