للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه فأسأله، قال: نعم. قال له شمعون: أيّها المُبْتَلى، ما تقول؟ قال: أقول: إنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه. قال: فما آيتُه؟ تعرفُه؟ قال: يبرئُ الأكمهَ والأبرصَ والسقيمَ. قال: هذا يفعله الأطِبّاءُ، فهل غيرُه؟ قال: نعم، يخبركم بما تأكلون وما تَدَّخِرون. قال: هذا تعرفه الكهنةُ، فهل غيرُ هذا؟ قال: نعم، يخلق من الطين كهيئة الطير. قال: هذا قد تفعله السحرة، يكون أخذَه منهم. فجعل الملك يتعجَّبُ منه وسؤاله. فقال: هل غيرُ هذا؟ قال: نعم، يُحْيِي الموتى. قال: أيُّها الملِكُ، إنّه ذَكَر أمرًا عظيمًا، وما أظُنُّ خلقًا يقدر على ذلك إلا بإذن الله، ولا يقضي اللهُ ذلك على يد ساحر كذّاب، فإن لم يكن عيسى رسولًا فلا يقدر على ذلك، وما فعل الله ذلك لأحد إلا بإبراهيم حين سأله: {رب أرني كيف تحيي الموتى} [البقرة: ٢٦٠]، ومَن مِثلُ إبراهيم خليل الرحمن؟! (١). (٣/ ٥٨١ - ٥٨٤)

١٣٠٢٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق السدي- قال: لَمّا بعث الله عيسى - عليه السلام -، وأمَرَه بالدعوة؛ لَقِيَه بنو إسرائيل، فأخرجوه، فخرج هو وأُمُّه يسيحون في الأرض، فنزلوا في قرية على رجل، فأضافَهم، وأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة مَلِكٌ جبّار، فجاء ذلك الرجل يومًا حزينًا، فدخل منزله ومريمُ عند امرأته، فقالتْ لها: ما شأنُ زوجِك؟ أراه حزينًا! قالت: إنّ لنا ملِكًا يجعل على كُلِّ رجل مِنّا يومًا يطعمه هو وجنوده، ويسقيهم الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنّه قد بلغت نوبتُه اليومَ، وليس عندنا سَعَةٌ. قالت: قولي له: فلا يهتمَّ، فإنِّي آمِرٌ ابني فيدعو له؛ فيُكفى ذلك. قالت مريمُ لعيسى في ذلك، فقال عيسى: يا أُمَّهْ، إنِّي إن فعلتُ كان في ذلك شرٌّ. قالت: لا تبالِ؛ فإنّه قد أحسن إلينا، وأكرمَنا. قال عيسى: قولي له: املأ قدورَك وخَوابيَكَ (٢) ماءً. فملأهُنَّ، فدعا اللهَ، فتحوَّل ما في القدور لحمًا ومَرَقًا وخبزًا، وما في الخوابي خمرًا لم ير الناسُ مثلَه قطُّ، فلمّا جاء الملِكُ أكل منه، فلمّا شرب الخمر سأل: مِن أين لك هذا الخمرُ؟ قال: هو من أرض كذا وكذا. قال الملك: فإنّ خمري أُوتى به مِن تلك الأرض، فليس هو مثل هذا. قال: هو من أرض أخرى. فلمّا خلَّط على الملك اشتدَّ عليه، فقال: أنا أُخبِرُك، عندي غلامٌ لا يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، وإنّه دعا الله تعالى فجعل الماءَ خمرًا. فقال له الملك -وكان له ابنٌ يريد أن يستخلِفه، فمات قبل ذلك بأيّام، وكان أحبّ الخلق إليه-


(١) أخرجه ابن عساكر ٤٧/ ٣٩٢.
(٢) الخوابي: جمع خابية، وهي الوعاء الذي يحفظ فيه الماء. المعجم الوسيط (خبأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>