للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما تفسيره الاجتهادي فيُعَدُّ من أكثر تلاميذ ابن عباس تفسيرًا بعد مجاهد، وقد بلغت آثاره في الموسوعة (١٧٣٥) أثرًا، ولعل من أهم أسباب ذلك ما يلي (١):

١ - ملازمته لابن عباس وكثرة أخذه عنه، كما تقدم.

٢ - كتابته للتفسير سواء أثناء الطلب عن ابن عباس، أو بعد ذلك، كما في الصحيفة التي كتبها لعبد الملك بن مروان بطلب منه، وهذه الصحيفة تُعَدّ من أقدم مدونات التفسير التي تدل على أن التفسير دوَّن في وقت مبكر (٢).

٣ - تصدره للناس وتصديه للتفسير وحرصه على نشر علمه، فقد رُوي عنه قوله: "وددت أن الناس أخذوا ما عندي، فإنه مما يهمني". وقال أيضًا: "لأن أنشر علمي، أحب إليَّ من أن أذهب به إلى قبري" (٣).

٤ - اعتناؤه بتفسير آيات الأحكام، بخلاف أقرانه المكثرين من تلاميذ ابن عباس كمجاهد وعكرمة.

٥ - كثرة روايته للإسرائيليات، أيضًا بخلاف أقرانه من تلاميذ ابن عباس، ويظهر أنه تأثر بشيخه في ذلك.

٦ - تميزه بالتفسير التحليلي للآية (٤). وهو منهج مخالف لطريقة المتقدمين في التفسير التي كانت تقتصر على تفسير ما يحتاج إلى تفسير دون باقي الألفاظ وسائر الآيات.

وفي المقابل هناك أسباب أخرى كان لها الأثر في قصور آثاره التفسيرية عن بلوغ مرتبة الطبقة الأولى والثانية من المكثرين في التفسير، وتقدم بعض مفسري السلف عليه، لعل من أبرزها:


(١) ينظر: تفسير التابعين ١/ ١٤٨.
(٢) يراجع: مبحث مراحل تدوين التفسير، وكذلك الحاشية بعد التالية.
(٣) ينظر: تهذيب الكمال ١٠/ ٣٦٧، سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٢٦.
(٤) وهذا بارز في النسخة التي يرويها عنه عطاء بن دينار، وعطاء لم يسمع من سعيد مباشرة، وانما وجد في الديوان بدمشق صحيفة التفسير التي كتبها سعيد بن جبير لعبد الملك بن مروان بطلب منه، فروى منها. ينظر: الجرح والتعديل ٣/ ٣٣١. وقد اعتنى ابن أبي حاتم برواية عطاء عن سعيد، ويظهر أن ما يرويه هو من تلك الصحيفة، ولو وصلنا تفسير ابن أبي حاتم كاملًا لأمكن جمع هذه الصحيفة كلها أو جلها! وقد أورد ابن أبي حاتم عشرات الروايات من هذه الطريق -كما سترى في الموسوعة-، بينما لم يورد ابن جرير منها إِلا في ثلاثة مواضع فقط! ولعل هذا كان سببًا في كون آثار سعيد بن جبير التفسيرية عند ابن أبي حاتم أكثر منها عند ابن جرير. ينظر: تفسير أتباع التابعين: عرض ودراسة ص ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>