للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يضعها حتى يُقاتِل». فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ألف رجل مِن أصحابه، حتى إذا كانوا بالشَّوْط بين المدينة وأُحُدٍ تحوَّل عنه عبد الله بن أُبَيٍّ بثُلُثِ الناس، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سلك في حَرَّة بني حارثة، فذبَّ فرسٌ بذَنَبِه، فأصاب ذبابَ سيفٍ فاسْتَلَّه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -وكان يُحِبُّ الفألَ ولا يعتافُ- لصاحب السيف: «شِمْ (١) سيفَك؛ فإنِّي أرى السيوفَ سَتُسْتَلُّ اليومَ». ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بالشِّعْبِ مِن أُحُدٍ مِن عدْوَةِ الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وتَعَبَّأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للقتال، وهو في سبعمائة رجل، وأمَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرُّماة عبد الله بن جُبَيْر، والرُّماةُ خمسون رجلًا، فقال: «انضَحْ عنّا الخيلَ بالنَّبْلِ، لا يأتونا مِن خلفنا، إن كان علينا أو لنا فأنت مكانَك، لا نُؤْتَيَنَّ مِن قِبَلِك». وظاهَرَ (٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين دِرْعَيْنِ (٣) [١٣٦٨]. (٣/ ٧٤٤ - ٧٤٦)

١٤٣٩٨ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحُدٍ في ألف رجل، وقد وعدهم الفتحَ إن صبروا، فلمّا خرج رجع عبدُ الله بن أُبَيِّ بن سلول في ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم، فلما غلبوه وقالوا له: ما نعلم قتالًا، ولَئِن أطعتنا لَتَرْجِعَنَّ معنا. وقال: {إذ همت طائفتان منكم أن


[١٣٦٨] ذكر ابن جرير (٦/ ١٠) القول بأن تَبْوِئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين مقاعد للقتال هي غدوُّه - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة إلى التدبير مع الناس واستشارتهم. وعلَّق ابن عطية (٢/ ٣٤٠) على ذلك بقوله: «ولا سيما أن غدوّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان ورأيه ألا يخرج الناس، فكان لا يَشُكّ في نَفْسه أنْ يقسم أقطار المدينة على قبائل الأنصار».
ثم نقل ابن عطية أقوالًا أخرى في معنى الغدوّ، ووجَّه أحدها، فقال: «وقال غير الطبري: بل نهوض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة بعد الصلاة هو غدوّه، وبوّأ المؤمنين في وقت حضور القتال. وقيل: ذلك في ليلته، وسماه غدوًّا إذ كان قد اعتزم التدبير، والشروع في الأمر من وقت الغدوّ. قال القاضي أبو محمد: ولا سيما أنّ صلاة الجمعة ربما كانت قبل الزوال، حسبما وردت بذلك أحاديث، فيجيء لفظ الغدوّ متمكِّنًا. وقيل: إن الغدوّ المذكور هو غدوة يوم السبت إلى القتال، ومن حيث لم يكن في تلك الليلة موافقا للغدوّ فهو كأنه كان في أهله، وبوأ المسلمين بأمْرِه الرماةَ وبغير ذلك من تدبيره مصافّ الناس».

<<  <  ج: ص:  >  >>