للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من التفسير والمقاطيع" (١).

وقد أخذ التفسير عن أبي العالية فأكثر عنه كما تقدم، وروى أغلب تفسير أبي العالية، لكن الملاحظ أن كثيرًا من تفسيره الاجتهادي يكاد يطابق تفسير أبي العالية، فتجد الطبري -مثلًا- يرويه بسنده إلى الربيع موقوفًا عليه، بينما يرويها ابن أبي حاتم عن الربيع عن أبي العالية (٢). مما جعل البعض يكاد يجزم بأن جميعه عن أبي العالية وليس للربيع فيه إِلا الرواية والنقل دون الدراية والاجتهاد، ومن هنا عدَّ الربيع من الرواة وليس من المفسرين (٣)، لكن يبقى الأمر على ظاهره، والأصل أن القول يُنسب إلى قائله، حتى يصرِّح بأنه يرويه عن غيره، والعمل على ذلك عند كبار نقَلَة التفسير المأثور كابن جرير الطبري؛ الذي نسب أغلب تلك الآثار إلى الربيع (٤)، وعلى القول أنها لأبي العالية فطالما أنه تبنى تلك الآراء فهي من قوله أيضًا وتُنسب إليه. وقد حاول الثعلبي عند ذكر مصادر تفسيره التخلص من هذا الإشكال فنسب النسخة التفسيرية التي يرجع إليها من تفسيريهما إليهما معًا فقال: "تفسير أبي العالية والربيع" ثم ساق سنده إلى أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية (٥).

وقد سارت الموسوعة على نسبة التفسير إلى الربيع كما هي في المصادر، فبلغت آثار تفسيره الاجتهادية (٨٧٨) أثرًا (٦)، وهو عدد لا بأس به لكنه لا يرقى لأن يكون في الطبقات الأُوَل من مفسري السلف، مع أن الربيع طال به العمر ونزل في بيئة بِكْر يستطيع أن يبث بها علمه ويكثر، وهي مدينة مرو بخراسان، فما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ !

لعل من أبرز أسباب قلة تفسير الربيع بن أنس ما يلي:


(١) تاريخ الإسلام ٣/ ٦٤٦.
(٢) ينظر -على سبيل المثال-: تفسير الآيات ٢٦ - ٣٣ من سورة البقرة في الموسوعة.
(٣) ينظر: تفسير التابعين ١/ ٤٤٤ - ٤٤٦.
(٤) يلاحظ أن ابن أبي حاتم الذي يروي تلك الآثار عن أبي العالية كثيرًا ما يثني بتلك الروايات عن الربيع معلقة، مما يدل على أنه يرى أيضًا نسبة الأثر إلى الربيع.
(٥) ينظر: تفسير الثعلبي، ط. دار التفسير ٢/ ٨٥ - ٨٨.
(٦) يلاحظ أن أغلبها في الربع الأول من القرآن لا سيما في سورة البقرة، ولعل سبب ذلك هو أن ابن أبي حاتم يروي أغلب تلك الآثار عن أبي العالية، ثم يعلق نحوها عن الربيع، وقد ذكر في مقدمته أن كل ما يعلقه عن الربيع في سورة البقرة فهي مسندة بسنده الذي ذكره في المقدمة. ينظر: تفسير ابن أبي حاتم ١/ ١٥، وبهذا الصنيع روى عن أبي العالية والدي ومقاتل بن حيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>