للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنّ كلهم قد حدَّث ببعضها، وأنّ حديثهم اجتمع فيما ساق من الحديث، فكان فيما ذكر في ذلك: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل الشِّعْبِ مِن أُحُدٍ في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال: «لا يقاتلن حتى نأمره بالقتال». وقد سرَّحت قريش الظَّهْرَ (١) والكُراعَ (٢) في زروع كانت بالصَّمْغَة (٣) من قناةٍ للمسلمين، فقال رجلٌ مِن الأنصار حين نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القتال: أتُرْعى زُرُوعُ بَنِيَ قَيْلَةَ ولَمّا نُضارِبْ؟! وتعبَّأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للقتال، وهو في سبعمائة رجل، وتعبَّأَتْ قُرَيْشٌ وهم ثلاثة آلاف، ومعهم مائتا فرس قد جَنَّبُوها، فجعلوا على مَيْمَنَةِ الخيلِ خالدَ بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، وأمَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الرُّماةِ عبدَ الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ مُعَلَّمٌ بثياب بِيض، والرُّماةُ خمسون رجلًا، وقال: «انضَحْ (٤) عنا الخيلَ بالنَّبْلِ؛ لا يأتونا مِن خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثْبُتْ مكانَك، لا نُؤْتَيَنَّ مِن قِبَلِك». فلمّا التقى الناسُ، ودنا بعضُهم من بعض، واقتتلوا حتى حَمِيَتِ الحربُ، وقاتل أبو دجانة حتى أمْعَنَ في الناس، وحمزةُ بن عبد المطلب وعليُّ بن أبى طالب في رجال من المسلمين، فأنزل الله - عز وجل - نصرَه، وصدقهم وعده، فحسُّوهم بالسيوف، حتى كشفوهم، وكانت الهزيمةُ لا شكَّ فيها (٥). (ز)

١٥٠٥٨ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: لَمّا برز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين بأحد؛ أمر الرُّماةَ، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين، وقال: «لا تبرحوا مكانَكم إن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنّا لن نزالَ غالبين ما ثَبَتُّم مكانَكم». وأمَّر عليهم عبد الله بن جُبَيْر أخا خوّات بن جبير. ثُمَّ إنّ طلحة بن عثمان صاحبَ لواء المشركين قام، فقال: يا معشر أصحاب محمد، إنّكم تزعمون أنّ الله يُعَجِّلُنا بسيوفكم إلى النار، ويُعَجِّلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحدٌ يُعَجِّلُه الله بسيفي إلى الجنة، أو يُعَجِّلُني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه عليُّ بن أبي طالب، فقال: والذي نفسي بيده، لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار، أو


(١) الظَّهْر: الإبل التي تحمل ويركب عليها. النهاية (ظهر).
(٢) الكُراعَ: جماعة الخيل. النهاية (كرع).
(٣) الصَّمْغة: مزرعة قرب جبل أُحد تسمى اليوم بالعيون. معجم البلدان (صمغ).
(٤) انضح: ارم وارشق. اللسان (نضح).
(٥) أخرجه ابن جرير ٦/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>