للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعجلني بسيفك إلى الجنة. فضربه عليٌّ، فقطع رجله، فسقط، فانكشفت عورتُه، فقال: أنشُدُكَ اللهَ والرَّحِمَ، يا ابن عمِّ. فتركه، فكبَّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال لعليٍّ أصحابُه: ما منعك أن تُجْهِزَ عليه؟ قال: إنّ ابن عمِّي ناشدني اللهَ حين انكشفت عورتُه، فاسْتَحْيَيْتُ منه. ثُمَّ شدَّ الزبيرُ بن العوام والمقدادُ بن الأسود على المشركين، فهزماهم، وحمل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، فهزموا أبا سفيان، فلمّا رأى ذلك خالدُ بن الوليد وهو على خيل المشركين حَمَلَ، فَرَمَتْهُ الرُّماةُ، فانقَمَعَ. فلمّا نظر الرُّماةُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه في جَوْفِ عسكرِ المشركين ينهبونه، بادروا الغنيمةَ، فقال بعضُهم: لا نتركُ أمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فانطلق عامَّتُهم، فلحقوا بالعَسْكَر؛ فلمّا رأى خالدٌ قِلَّة الرُّماةِ صاح في خيله، ثُمَّ حَمَلَ، فقتل الرُّماةَ، ثُمَّ حَمَل على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا رأى المشركون أنّ خيلهم تُقاتِل تَنادَوْا، فشَدُّوا على المسلمين، فهزموهم، وقتلوهم، فدخل [بعضُ المسلمين] المدينةَ، وانطلق بعضُهم فوق الجبل إلى الصخرة، فقاموا عليها، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس: «إلَيَّ، عبادَ الله. إلَيَّ، عباد الله». ... حتى انتهى إلى أصحاب الصَّخرة، فلما رأوه وضع رجلٌ سهمًا في قوسه، فأراد أن يرميه، فقال: «أنا رسول الله». ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيًّا، وفرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى أنّ في أصحابه مَن يمتنع، فلمّا اجتمعوا وفيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذهب عنهم الحزن، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه، ويذكرون أصحابهم الذين قُتِلوا، فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم، فلمّا نظروا إليه نسوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمَّهم أبو سفيان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس لهم أن يعلونا، اللَّهُمَّ، إن تُقْتَل هذه العصابةُ لا تُعْبَدُ». ثُمَّ ندب أصحابَه، فرموهم بالحجارة، حتى أنزلوهم، فذلك قوله: {فأثابكم غما بغم} الغمُّ الأولُ ما فاتهم من الغنيمة والفتح، والغمُّ الثاني إشرافُ العدوِّ عليهم (١). (ز)

١٥٠٥٩ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: فكان أوَّل مَن عرف رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الهزيمة وقولِ الناس: قُتِل رسولُ الله صلى وسلم -كما حدَّثني ابنُ شهاب الزهري- كعبُ بن مالك أخو بني سلمة. قال: عرفتُ عينيه تَزْهَران (٢) تحت المِغْفَر، فناديتُ بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين، أبشِروا، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه ابن جرير ٦/ ١٢٩، ١٤٧، ١٥٣.
(٢) تزهران: تلمعان من البياض. النهاية (زهر).

<<  <  ج: ص:  >  >>