للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٣٥٥ - عن نافع بن أبي نعيم القاري أنّه قال: سألتُ يحيى بن سعيد =

١٦٣٥٦ - وربيعة [بن أبي عبد الرحمن] عن قوله: {فليأكل بالمعروف}. قالا: ذلك في اليتيم، إن كان فقيرًا أنفق عليه بقدر فقره، ولم يكن للوليِّ منه شيء (١) [١٥٣٠]. (٤/ ٢٤٠)

١٦٣٥٧ - قال محمد بن السائب الكلبي: المعروفُ ركوبُ الدّابَّةِ، وخِدْمَةُ الخادم، وليس له أن يأكل من ماله شيئًا (٢). (ز)

١٦٣٥٨ - قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ رَخَّص للذي معه مالُ اليتيم، فقال سبحانه: {ومن كان غنيا فليستعفف} عن أموالهم، {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} يعني: بالقرض، فإن أيسر ردَّ عليه، وإلا فلا إثم عليه (٣). (ز)

١٦٣٥٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله - عز وجل -: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}، قال: إن اسْتَغْنى كَفَّ، وإن كان فقيرًا أكل بالمعروف. قال: أكل بيده معهم؛ لقيامه على أموالهم، وحفظه إيّاها، يأكل مما يأكلون منه (٤) [١٥٣١]. (ز)


[١٥٣٠] انتَقَدَ ابنُ كثير (٣/ ٣٥٨) قولَ يحيى بن سعيد، وربيعة هذا، بدلالة السياق، والنظائر، فقال: «هذا بعيدٌ من السياق؛ لأنه قال: {ومَن كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} يعني: من الأولياء، {ومَن كانَ فَقِيرًا} أي: منهم {فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ} أي: بالتي هي أحسن. كما قال في الآية الأخرى: {ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أشُدَّهُ} [الأنعام: ١٥٢]، أي: لا تقربوه إلا مُصلِحين له، فإن احتجتُم إليه أكلتم منه بالمعروف».
[١٥٣١] أفادت الآثارُ الاختلافَ في حدّ المعروفِ المذكور في الآية على أقوال: أولها: أن يأكل مِن طعام اليتيم عند الحاجة إليه على وجه الاستقراض، ثم يقضيه. وهذا قول عمر بن الخطاب، وابن عباس، وجمهور التابعين. وثانيها: أن يأكل من طعام اليتيم بأطراف أصابعه، ولا يكتسي، ولا قضاء عليه فيما أكل. وهذا قول السديّ، وعكرمة، وعطاء، وقول لابن عباس من طريق السديّ. وثالثها: أن يأكل ما يسد جوعَه، ويلبس ما يواري عورتَه، ولا قضاء عليه. وهذا قول إبراهيم النخعيّ، ومكحول. ورابعها: أن يأكل من ثمره، ويشرب من ألبان ماشيته؛ بقيامه على ذلك، وليس له أن يأخذ ما سوى ذلك من ذهب وفضَّة إلا على وجه القَرْض. وهذا قول أبي العالية، والحسن، وقتادة، والضحاك، والشعبيّ، وقول لابن عباس من طريق القاسم بن محمد. وخامسها: له أن يأكل من جميع المال إذا كان يلي ذلك، وإن أتى على المال، ولا قضاء عليه. وهذا قول عائشة، وابن زيد، وقول ثان لعمر من طريق القاسم بن محمد، وعكرمة والحسن من طريق يزيد النحويّ.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٢٦) القولَ الأولَ استنادًا إلى الدلالة العقلية، والإجماع، وعلَّلَ ذلك بإجماع الجميع على «أنّ والي اليتيمِ لا يملك من مال يتيمه إلا القيام بمصلحته»، وذلك يقتضي ضمانَه ما يستهلكه مِن مال اليتيم، كما «يضمن ما يستهلكه من مال غيره -إن تعدّى- إجماعًا». غير أنّ لوالي اليتيم الاستقراضَ منه عند الحاجة إليه، كما له الاستقراض عليه عند الحاجة؛ إذ كان قيِّمًا بما فيه مصلحته.
وانتَقَدَ قولَ مَن قال: إنما عنى بالمعروف في هذا الموضع أكْلَ والي اليتيم من مال اليتيم؛ لقيامه عليه، على وجه الاعتياض على عمله وسعيه له. بأنه قولٌ لا معنى له؛ لدلالة العقل، لأنه يجوز لوليِّ اليتيم ذلك دون تقيِّدٌ بغنى الوليِّ أو فقره؛ فله أن يؤاجر نفسه أو غيره بأجرة معلومة للقيام بأمور اليتيم عند الحاجة. وإنما أباحت الآية للوليِّ أن يأكل من مال اليتيم في حال فقره. فالمعنى الذي يجوز في كل حال غير المعنى الذي يجوز في حال دون حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>