للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهم، وذلك أنّه يَرِثُ مع ذكور ولد المتوفى السُّدُسَ، والإخوة لا يرثون مع ذكور ولد المُتَوَفّى شيئًا، وكيف لا يكون كأحدهم وهو يأخذ السدس مع ولد المُتَوَفّى؟! فكيف لا يأخذ الثلث مع الإخوة وبنو الأم يأخذون معهم الثلث؟! فالجد هو الذي حجب الإخوة للأم، ومنعهم مكانُه الميراثَ، فهو أولى بالذي كان لهم؛ لأنهم سَقَطُوا من أجله. ولو أنّ الجد لم يأخذ ذلك الثلث أخذه بنو الأم، فإنما أخذ ما لم يكن يرجع إلى الإخوة للأب، وكان الإخوة للأم هم أولى بذلك الثلث من الإخوة للأب، وكان الجدُّ هو أولى بذلك من الإخوة للأُمِّ (١). (ز)

١٦٥٧٨ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب-: الكلالة: كُلُّ مَن لا يَرِثه والدٌ ولا ولد، وكُلُّ مَن لا ولد له ولا والِد فهو يُورَث كلالةً مِن رجالهم ونسائهم (٢). (ز)

١٦٥٧٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب-: الكلالة: الميِّتُ الذي لا ولد له ولا والد، والحيُّ، كلهم كلالة؛ هذا يرِث بالكلالة، وهذا يُورَث بالكلالة (٣) [١٥٥٠]. (ز)


[١٥٥٠] أفادت الآثارُ الاختلافَ في المراد بالكلالة، ومَن يُسَمّى بها. أما الكلالةُ فالاختلاف فيها على ثلاثة أقوال: أولها: هي خُلُوُّ الميت من الولد والوالد. وهذا قول أبي بكر، وعمر، والمشهور عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبي إسحاق، وسُلَيم بن عبد، والسديّ، وابن زيد، وغيرهم. والثاني: هي خُلُوُّ الميت عن الولد. وهذا مروي عن ابن عباس من طريق طاووس. والثالث: هي خُلُوُّ الميت عن الوالد. وهذا قول الحكم بن عتيبة.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٨١)، وابنُ عطية (٢/ ٤٨٦)، وابنُ كثير (٣/ ٣٧٨) القولَ الأولَ استنادًا إلى السُّنَّة، والإجماع، وأقوال السلف، قال ابنُ كثير: «وبه يقول أهل المدينة والكوفة والبصرة، وهو قول الفقهاء السبعة، والأئمة الأربعة، وجمهور السلف والخلف، بل جميعُهم، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحد، وورد فيه حديث مرفوع».
وعلَّقَ ابنُ عطية (٢/ ٤٨٦ بتصرف) على القول الثاني بقوله: «روي عن ابن عباس، وذلك مُسْتَقْرَأٌ مِن قوله في الإخوة مع الوالدين: إنّهم يَحُطُّون الأم، ويأخذون ما يحطونها. هكذا حكى الطبري. ويلزم على قول ابن عباس إذ ورثهم بأنّ الفريضة كلالة أن يعطيهم الثلث بالنص».
ثم انتَقَدَ (٢/ ٤٨٦) القولين الثاني والثالث؛ لمخالفتهما للواقع، فقال: «هذان القولان ضعيفان؛ لأنّ مَن بقي والده أو ولده فهو موروث بجزم نسب، لا بتكلل، وأجمعت الآن الأمةُ على أن الإخوة لا يرثون مع ابن ولا مع أب، وعلى هذا مضت الأمصار والأعصار».
وزاد ابنُ كثير (٣/ ٣٧٨) في نَقْدِ قول ابن عباس الثاني بأنّه قد ورد عنه خلافه، فقال: «والصحيح عنه الأول، ولعل الراوي ما فَهِمَ عنه ما أراد».
وأمّا المُسَمّى كلالة؛ فالاختلافُ فيه على ثلاثة أقوال أيضًا: أولها: هو الميِّت الموروث إذا ورثه غيرُ والده وولده. وهذا قول ابن عباس من طريق طاووس، والسديّ. والثاني: هم الورثة إذا لم يكونوا ولدًا ولا والدًا. وهذا قول الجمهور على خلاف وقع بينهم في الكلالة. والثالث: هم الميت والحيُّ جميعًا. وهذا قول ابن زيد.
ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٨١ - ٤٨٢ بتصرف) القولَ الثانيَ استنادًا إلى السنّة، وأقوال السلف، فقال: «الصواب من القول في ذلك عندي ما قاله هؤلاء، وهو أن الكلالة: الذين يرثون الميت مَن عَدا ولده ووالده؛ وذلك لصِحَّة الخبر الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أنّه قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما يرثني كلالة، فكيف بالميراث؟ وعن عمرو بن سعيد قال: كنا مع حميد بن عبد الرحمن في سوق الرقيق، قال: فقام من عندنا ثم رجع، فقال: هذا آخر ثلاثة من بني سعد حدَّثوني هذا الحديث، قالوا: مرِض سعد بمكة مرضًا شديدًا، قال: فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال: يا رسول الله، لي مال كثير، وليس لي وارثٌ إلا كلالة، فأوصي بمالي كله؟ فقال: «لا». وعن العلاء بن زياد، قال: جاء شيخٌ إلى عمر - رضي الله عنهما -، فقال: إنِّي شيخ، وليس لي وارث إلا كلالةٌ، أعْرابٌ مُتراخٍ نسبُهم، أفأوصي بثلث مالي؟ قال: لا. فقد أنبأَتْ هذه الأخبارُ عن صحة ما قلنا في معنى الكلالة، وأنها ورثة الميت دون الميت مِمَّن عدا والده وولده».
وذكر ابنُ عطية (٢/ ٤٨٦) قولًا رابعًا عن عطاء: أنّ الكلالة: المال. وانتَقَدَه مستندًا إلى اللغة بقوله: «الاشتقاق في معنى الكلالة يُفْسِدُ تسمية المال بها».

<<  <  ج: ص:  >  >>