للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٧١٢ - قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ ذكر البِكْرَيْنِ اللَّذَيْنِ لم يُحْصَنا، فقال - عز وجل -: {واللذان يأتيانها منكم}، يعني: الفاحشة، وهو الزِّنا، منكم (١). (ز)

١٦٧١٣ - عن سفيان -من طريق عبد الله- قوله: {واللذان يأتيانها منكم}، قال: البِكران (٢). (ز)

١٦٧١٤ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {واللذان يأتيانها منكم}، قال: البِكْران (٣) [١٥٥٩]. (ز)


[١٥٥٩] أفادت الآثارُ الاختلافَ في المعنيِّ بقوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم} على ثلاثة أقوال: أولها: أنّ المعنيَّ بها: البكران غير المحْصَنَين من الرجال والنساء. وهذا قول السديِّ، وابن زيد. وثانيها: أنّ المعنيَّ بها: الرجلان الزانيان. وهذا قول مجاهد. وثالثها: أنّ المعنيَّ بها: الرجل والمرأة؛ بكران أو ثيّبان. وهذا قول عطاء، وعكرمة، والحسن، وعبد الله بن كثير.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٠١ - ٥٠٢) القولَ الأولَ استنادًا إلى اللغة، والنظائر، والسياق، وقال: «لو كان مقصودًا بذلك قصد البيان عن حُكْمِ الزناة مِن الرجال، كما كان مقصودًا بقوله: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} قصد البيان عن حكم الزواني؛ لقيل: والذين يأتونها منكم فآذوهم. أو قيل: والذي يأتيها منكم. كما قيل في التي قبلها: {واللاتي يأتين الفاحشة}، فأخرج ذكرَهُنَّ على الجميع، ولم يقل: واللتان يأتيان الفاحشة. وكذلك تفعل العربُ إذا أرادت البيانَ على الوعيد على فعلٍ أو الوعدِ عليه أخرجت أسماءَ أهلِه بذكر الجميع أو الواحد؛ وذلك أن الواحدَ يدل على جنسه، ولا تخرجها بذكر اثنين، فتقول: الذين يفعلون كذا فلهم كذا، والذي يفعل كذا فله كذا، ولا تقول: اللذان يفعلان كذا فلهما كذا. إلا أن يكون فعلًا لا يكون إلا من شخصين مختلفين، كالزِّنا لا يكون إلا من زانٍ وزانية. فإذا كان ذلك كذلك قيل بذكر الاثنين، يُراد بذلك الفاعل والمفعول به. فأمّا أن يذكر بذكر الاثنين، والمراد بذلك شخصان في فعل قد ينفرد كل واحد منهما به، أو في فعل لا يكونان فيه مشتركين؛ فذلك ما لا يُعْرف في كلامها».
ثُمَّ انتَقَدَ القولين الآخرين من جهة اللغة، والعقل، فقال: «وإذا كان ذلك كذلك فبيِّنٌ فسادُ قول مَن قال: عُنِي بقوله: {واللذان يأتيانها منكم} الرجلان. وصحةُ قول مَن قال: عني به: الرجل والمرأة. وإذا كان ذلك كذلك فمعلومٌ أنهما غير اللواتي تقدم بيان حكمهن في قوله: {واللاتي يأتين الفاحشة}؛ لأنّ هذين اثنان، وأولئك جماعة. وإذا كان ذلك كذلك فمعلومٌ أنّ الحبس كان للثيِّبات عقوبةً حتى يَتَوَفَّيْن مِن قبلِ أن يجعل لهن سبيلًا؛ لأنّه أغلظُ في العقوبة مِن الأذى الذي هو تعنيفٌ وتوبيخٌ أو سَبٌّ وتعييرٌ، كما كان السبيل التي جعلت لهن من الرجم أغلظ من السبيل التي جعلت للأبكار من جلد المائة ونفي السنة».
وعلَّقَ ابنُ عطية (٢/ ٤٩١) على القول الأول بقوله: «ومعنى هذا القولِ تامٌّ، إلا أن لفظ الآية يقلق عنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>