[١٥٧٢] أفادت الآثارُ الاختلافَ في تأويل هذه الآية على قولين: أحدهما: أنّ المعنى: لا يحل لكم أن تجعلوا النساء كالمال يورثن عن الرجال الموتى كما يورث المال، والمتلبس بالخطاب أولياء الموتى. وهذا قول الجمهور. والآخر: أنّ المعنى: لا يحل لكم عَضْلَ النساء اللواتي أنتم أولياء لهن وإمساكهن دون تزويج حتى يمتن فتورث أموالهن، فالموروث مالها لا هي، والمتلبس بالخطاب أولياء النساء وأزواجهن إذا حبسوهن مع سوء العشرة طماعية أن يرثها. وهذا قول الزهري، وابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة. ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٢٦ - ٥٢٧) القولَ الأولَ استنادًا إلى الدلالة العقلية بقوله: «لأنّ الله -جل ثناؤه- قد بَيَّن مواريث أهل المواريث، فذلك لأهله، كرِه وراثتهم إيّاه الموروث ذلك عنه من الرجال أو النساء، أو رضِي. فقد عُلِم بذلك أنه -جل ثناؤه- لم يحظر على عباده أن يرثوا النساء ما جعله لهم ميراثًا عنهن، وأنه إنّما حَظَر أن يُكْرَهن موروثاتٍ، بمعنى: حظر وراثة نكاحهن، إذ كان ميِّتهم الذي ورثوه قد كان مالكًا عليهِنَّ أمرَهُنَّ في النكاح ملْكَ الرجل منفعةَ ما استأجر من الدور والأرضين وسائر ما لَه منافعُ. فأبان الله -جل ثناؤه- لعباده: أنّ الذي يملكه الرجل منهم من بُضْع زوْجه معناه غير معنى ما يملك أحدهم من منافع سائر المملوكات التي تجوز إجارتها بمعنى الإجارة، فإنّ المالك بُضع زوجته إذا هو مات لم يكن ما كان له ملكًا من زوجته بالنكاح لورثته بعده، كما لهم من الأشياء التي كان يملكها بشراء أو هبة أو إجارة بعد موته بميراثهم ذلك عنه». وهو الظاهر من كلام ابن تيمية (٢/ ٢١٩)، وابن القيم (١/ ٢٦٩). وذَهَبَ ابنُ كثير (٣/ ٣٩٨) إلى أنّ الآية عامَّة، فقال: «الآيةُ تَعُمُّ ما كان يفعلُه أهلُ الجاهلية، وما ذكره مجاهد ومَن وافقه، فكلُّ ما كان فيه نوع من ذلك».