للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٨٥٤ - عن زيد بن أسلم -من طريق سعيد بن أبي هلال- في الآية، قال: كان أهلُ يثرب إذا مات الرجلُ منهم في الجاهلية ورِث امرأتَه مَن يَرِثُ مالَه، فكان يعضُلُها حتى يتزوجها، أو يزوجها مَن أراد، وكان أهل تِهامَة يُسِيءُ الرجلُ صحبةَ المرأة حتى يطلقها، ويشترط عليها ألا تنكِح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها؛ فنهى اللهُ المؤمنين عن ذلك (١) [١٥٧١]. (٤/ ٢٨٨)

١٦٨٥٥ - قال مقاتل بن سليمان: {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}، يعني: وهُنَّ كارهات، ولكن تَزَوَّجُوهُنَّ برِضًى مِنهُنَّ. وكان أحدُهم يقول: أنا أرِثُك؛ لأنِّي ولِيُّ زوجِك، فأنا أحقُّ بك. ثُمَّ انقطع الكلام (٢). (ز)

١٦٨٥٦ - قال ابن وهب: حدثني مالكُ بن أنس في هذه الآية: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}، قال: كان الرجلُ في الجاهلية يعضُلُ امرأة أبيه حتى تموت فيرثها [ ... ] (٣). (ز)

١٦٨٥٧ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}، قال: كانت الوراثة في أهل يثرب بالمدينة هاهنا، فكان الرجل يموت فيَرِثُ ابنُه امرأةَ أبيه، كما يرث أمه، لا يستطيع أن يمنع، فإن أحبَّ أن يتَّخذها اتَّخذها كما كان أبوه يتَّخذها، وإن كره فارقها، وإن كان صغيرًا حُبِسَت عليه حتى يكبر، فإن شاء أصابها، وإن شاء فارقها. فذلك قول الله تبارك وتعالى: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} (٤) [١٥٧٢]. (ز)


[١٥٧١] قال ابن عطية (٢/ ٤٩٨ بتصرف): «كانت هذه السيرة في الأنصارِ لازمةً، وكانت في قريشٍ مباحةً مع التراضي، ألا ترى أنّ أبا عمرو بن أمية خلف على امرأة أبيه بعد موته، فولدت مِن أبي عمرو مسافرًا وأبا معيط، وكان لها من أمية أبو العيص وغيره، فكان بنو أمية إخوة مسافر وأبي معيط وأعمامهما، والروايات في هذا كثيرة بحسب السير الجاهلية، ولا منفعة في ذكر جميع ذلك؛ إذ قد أذهبه الله بقوله: {لا يحل لكم}».
[١٥٧٢] أفادت الآثارُ الاختلافَ في تأويل هذه الآية على قولين: أحدهما: أنّ المعنى: لا يحل لكم أن تجعلوا النساء كالمال يورثن عن الرجال الموتى كما يورث المال، والمتلبس بالخطاب أولياء الموتى. وهذا قول الجمهور. والآخر: أنّ المعنى: لا يحل لكم عَضْلَ النساء اللواتي أنتم أولياء لهن وإمساكهن دون تزويج حتى يمتن فتورث أموالهن، فالموروث مالها لا هي، والمتلبس بالخطاب أولياء النساء وأزواجهن إذا حبسوهن مع سوء العشرة طماعية أن يرثها. وهذا قول الزهري، وابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٢٦ - ٥٢٧) القولَ الأولَ استنادًا إلى الدلالة العقلية بقوله: «لأنّ الله -جل ثناؤه- قد بَيَّن مواريث أهل المواريث، فذلك لأهله، كرِه وراثتهم إيّاه الموروث ذلك عنه من الرجال أو النساء، أو رضِي. فقد عُلِم بذلك أنه -جل ثناؤه- لم يحظر على عباده أن يرثوا النساء ما جعله لهم ميراثًا عنهن، وأنه إنّما حَظَر أن يُكْرَهن موروثاتٍ، بمعنى: حظر وراثة نكاحهن، إذ كان ميِّتهم الذي ورثوه قد كان مالكًا عليهِنَّ أمرَهُنَّ في النكاح ملْكَ الرجل منفعةَ ما استأجر من الدور والأرضين وسائر ما لَه منافعُ. فأبان الله -جل ثناؤه- لعباده: أنّ الذي يملكه الرجل منهم من بُضْع زوْجه معناه غير معنى ما يملك أحدهم من منافع سائر المملوكات التي تجوز إجارتها بمعنى الإجارة، فإنّ المالك بُضع زوجته إذا هو مات لم يكن ما كان له ملكًا من زوجته بالنكاح لورثته بعده، كما لهم من الأشياء التي كان يملكها بشراء أو هبة أو إجارة بعد موته بميراثهم ذلك عنه».
وهو الظاهر من كلام ابن تيمية (٢/ ٢١٩)، وابن القيم (١/ ٢٦٩).
وذَهَبَ ابنُ كثير (٣/ ٣٩٨) إلى أنّ الآية عامَّة، فقال: «الآيةُ تَعُمُّ ما كان يفعلُه أهلُ الجاهلية، وما ذكره مجاهد ومَن وافقه، فكلُّ ما كان فيه نوع من ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>