وذَهَبَ ابنُ كثير (٣/ ٤٢٤) إلى القول الأول مستندًا إلى سبب النزول، حيث بَيَّنَ أنّ معناها: «وحرم عليكم الأجنبيات المحصنات، وهنّ المزوَّجات، {إلا ما ملكت أيمانكم} يعني: إلا ما ملكتموهن بالسبي؛ فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن؛ فإنّ الآية نزلت في ذلك». وذَهَبَ ابنُ عطية (٢/ ٥١٤) إلى القول السادس، وهو أنّ المراد بهن: العفائف وذوات الأزواج، مستندًا إلى العمومِ، حيث قال: «هذا قول حسنٌ، عمَّمَ لفظَ الإحصان، ولفظ ملك اليمين». ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٧٥ - ٥٧٦) أنّ الآية تَعُمُّ كُلَّ ما ذُكِرَ مستندًا إلى العمومِ، وعدم المخصّص. وانتَقَدَ ابنُ جرير (٦/ ٥٧٥ - ٥٧٦ بتصرف) القولَ بأنّ بيع الأمة طلاقها، الذي يفيده القول الثاني؛ استنادًا إلى السُّنَّة، والدلالة العقلية، فقال: «وأما الأَمَة التي لها زوجٌ، فإنها لا تَحِلُّ لمالكها إلا بعد طلاق زوجها إياها، أو وفاته وانقضاء عدتها منه. فأمّا بيعُ سيِّدها إيّاها فغيرُ موجِبٍ بينها وبين زوجها فِراقًا ولا تحليلًا لمشتريها؛ لِصِحَّة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه خَيَّرَ بَرِيرة إذ أعتقتها عائشةُ بين المُقام مع زوجها الذي كان سادَتُها زوَّجوها منه في حال رِقِّها، وبين فراقه، ولو كان عِتقُها وزوالُ مِلك عائشة إيّاها لها طلاقًا لم يكن لتخيير النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إياها بين المقام مع زوجها والفراق معنًى». وزاد ابنُ القيم (١/ ٢٧٠ - ٢٧١): «أنّه لو كان صحيحًا لكان وطؤها حلالًا لسيِّدها إذا زوَّجها؛ لأنها ملك يمينه، فكما اجتمع مِلك سيدها لها وحِلُّها للزوج فكذلك يجتمع مِلْكُ مشتريها لها وحِلُّها للزوج، وتناول اللفظ لهما واحدٌ ما دامت مُزَوَّجة. الثاني: أنّ المشتريَ خليفةُ البائع، فانتقل إليه بعقد الشراء ما كان يملكه بائعُها، وهو كان يملك رقبتها مسلوبةً مَنفَعَة البضع».