للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربَّنا، كانوا يصومون معَنا، ويُصَلُّون، ويَحُجُّون. فيُقالُ لهمْ أخْرِجُوا مَن عَرَفْتُم. فتُحَرَّمُ صُوَرُهُم على النار، فيُخْرِجُون خَلْقًا كثيرًا قد أخَذَت النّارُ إلى نصف ساقَيْهِ، وإلى رُكْبَتَيْهِ، ثم يقولون: ربَّنا، ما بَقِيَ فيها أحد ممَّن أمرتنا به. فيقول: ارْجِعوا، فمَن وجدتم في قلبه مِثْقالَ دينار مِن خير فأخرِجوه. فيُخْرِجون خَلْقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا، لَمْ نَذَرْ فيها أحدًا مِمَّن أمَرْتَنا. ثم يقول: ارْجِعوا، فمَن وجدتُم في قلبه مثقالَ نصف دينار من خير فأخرِجوه. فيُخْرِجون خلْقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربَّنا، لم نَذَرْ فيها مِمَّن أمَرْتَنا أحدًا. ثم يقول: ارْجِعوا، فمَن وجَدتُم في قلبه مِثقال ذَرَّة مِن خير فأخْرِجوه. فيُخْرِجون خَلْقًا كثيرًا، ثُمَّ يقولون: ربَّنا، لَمْ نَذَرْ فيها خَيْرًا». وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} (١). (ز)

١٨١٦٦ - عن عبد الله بن مسعود -من طريق زاذان- قال: يُؤْتى بالعبد يوم القيامة، فيُنادِي مُنادٍ على رؤوس الأوَّلين والآخِرين: هذا فلان بن فلان، مَن كان له حَقٌّ فليأتِ إلى حقِّه. فيفرح -واللهِ- المرءُ أن يدور له الحقُّ على والِده أو ولدِه أو زوجته، فيأخذه منه وإن كان صغيرًا، ومِصداق ذلك في كتاب الله: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} [المؤمنون: ١٠١]. فيُقال له: آتِ هؤلاء حقوقَهم. فيقول: أي ربِّ، ومِن أين وقد ذَهَبَتِ الدنيا؟! فيقول الله لملائكته: انظروا في أعماله الصالحة، وأعطوهم منها. فإن بقي مثقال ذرَّةٍ مِن حسنةٍ قالت الملائكة: يا ربَّنا، أعطينا كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه، وبقي له مثقال ذرَّةٍ مِن حسنة. فيقول للملائكة: ضعِّفوها لعبدي، وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة. ومِصداق ذلك في كتاب الله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما}. أي: الجنة يعطيها. وإن فَنِيَت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة: إلَهَنا، فَنِيَتْ حسناتُه، وبقي طالبون كثير. فيقول الله: ضعوا عليه مِن أوزارهم، واكتبوا له كتابًا إلى النار (٢) [١٦٨٥]. (٤/ ٤٤٠)


[١٦٨٥] علَّق ابنُ كثير (٤/ ٥٢) على هذا الأثر، فقال: «ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح».
ووجَّه ابنُ جرير (٧/ ٣٤) معنى الآية على قول ابن مسعود، فقال: «فتأويلُ الآية على تأويلِ عبد الله هذا: إنّ الله لا يظلم عبدًا وجب له مثقال ذرة قِبَل عبدٍ له آخر في معاده ويوم لقائه، فما فوقه، فيتركه عليه، فلا يأخذه للمظلوم من ظالمه، ولكنَّه يأخذه منه له، ويأخذ مِن كُلِّ ظالم لكل مظلوم تَبِعَتَه قِبَلَه. {وإن تك حسنة يضاعفها} يقول: وإن توجد له حسنة يضاعفها، بمعنى: يضاعف له ثوابها وأجرها، {ويؤت من لدنه أجرا عظيما} يقول: ويعطه من عنده أجرًا عظيمًا. والأجر العظيم: الجنة على ما قاله عبد الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>