وقد رَجَّح ابنُ جرير (٧/ ١٨٢) مستندًا إلى السنة، والدلالة العقلية القول الأول، وذلك: «لصحة الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة، وللمسلمين مصلحة». ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في ذلك -وهي في الآثار المتعلقة بالآية-، ثُمَّ قال (٧/ ١٨٤): «فإذا كان معلومًا أنّه لا طاعةَ واجبةً لأحد غيرِ الله أو رسوله أو إمام عادل، وكان الله قد أمر بقوله: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} بطاعة ذوي أمرنا، كان معلومًا أنّ الذين أمر بطاعتهم -تعالى ذِكْرُه- مِن ذوي أمرنا هم الأئمة، ومَن ولَّوْه أمرَ المسلمين دون غيرهم من الناس، وإن كان فرضًا القبولُ مِن كُلِّ مَن أمر بترك معصية الله، ودعا إلى طاعته، غير أنّه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى فيما لم تَقُم حُجَّةُ وجوبه إلا للأئمة الذين ألزم الله عبادَه طاعتَهم فيما أمروا به رعِيَّتَهم مما هو مصلحة لعامة الرعية، فإن على مَن أمَروه بذلك طاعتهم». ورَجَّح ابنُ كثير (٤/ ١٣٦) مستندًا إلى دلالة القرآن، والسنة أنّ الآية عامَّةٌ في الأمراء والعلماء، وكلاهما داخل فيها، قال: «والظاهر -والله أعلم- أنّ الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء، وقد قال تعالى: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت} [المائدة: ٦٣]، وقال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: ٤٣]، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصا الله، ومَن أطاع أميري فقد أطاعني، ومَن عصا أميري فقد عصاني». فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء». وإلى نحو ما قال ابنُ كثير ذهب ابنُ القيم (١/ ٢٧٩)، حيث قال: «فإنّ العلماء والأمراء ولاة الأمر الذي بعث الله به نبيه، فإنّ العلماء ولاته حِفْظًا، وبيانًا، وذبًّا عنه، وردًّا على مَن ألحد فيه وزاغ عنه، والأمراء ولاته قيامًا، وعنايةً، وجهادًا، وإلزامًا للناس به، وأخذهم على يد مَن خرج عنه».