للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاووس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير، وأمثالهم، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود، ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم" (١)، والناظر في آثار أصحاب ابن مسعود يجد أنه لم يُرو عنهم إِلا النزر القليل، وأكثرهم آثارًا في الموسوعة، مسروق بـ (٥٩) أثرًا أغلبها في الأحكام، يليه أبو رزين الأسدي بـ (٥٣) أثرًا، يليه الربيع بن خثيم بـ (٣٤) أثرًا، وهي مقادير قليلة جدًّا! حتى إنه لم يرد أحد منهم ضمن العشرة المكثرين من التابعين، بل لم يُسلك أحد منهم في طبقة المقلين التي اعتمدناها! وكذلك ذكَر أهل المدينة ولم يبرز فيهم من المكثرين سوى عبد الرحمن بن زيد، وفي المقابل لم يذكر أهل البصرة مع بروز أربعة منهم ضمن طبقة المكثرين، وهم: قتادة والحسن وأبو العالية والربيع، وابن تيمية رحمه اللَّه مستقرئ! ولا يشك في أنه وقف على مقدار تفسيرهم، فماذا قصد بذلك، ثم لِم لَمْ يذكر أهل البصرة مع أنهم أكثر التابعين تفسيرًا بعد أهل مكة (٢)؟

فقد يكون مراده أعلم الناس بالتفسير رواية ودراية، لكن هذا لا يحل الإشكال


= حسين الذهبي -رحمه اللَّه- في كتابه الماتع التفسير والمفسرون ١/ ٤٩، وقد تبين له قلة ما ورد من تفسير عمن سوى الأربعة (ابن عباس وابن مسعود وعلي وأُبي بن كعب) لكن قال: "فهم وإن اشتهروا بالتفسير إِلا أنهم قلَّت عنهم الرواية ولم يصلوا في التفسير إلى ما وصل إليه هؤلاء الأربعة المكثرون، لهذا نرى الإمساك عن الكلام في شأن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، وأبي موسى الأشعري، وعبد اللَّه بن الزبير، ونتكلم عن علي، وابن عباس، وابن مسعود، وأُبَي بن كعب، نظرًا لكثرة الرواية عنهم في التفسير، كثرة غذت مدارس الأمصار على اختلافهم وكثرتها". التفسير والمفسرون ١/ ٥٠، ولم يبين المراد باشتهارهم في التفسير، كذلك لم يعلل سبب قلة الرواية عنهم مع اشتهارهم بالتفسير! مع ملاحظة أن تفسير أُبي بن كعب المنقول إلينا نزر قليل كالباقين، وليس كما ذكر.
(١) تحدث أيضًا د. الذهبي: التفسير والمفسرون ١/ ٨٩، ٩٤، عن التابعين ومدارسهم التفسيرية بناء على كلام ابن تيمية فيما يظهر، ومن لْم أورد عددًا من المقلين في التفسير على أنهم من ماهير مفسري التابعين كعلقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، ومُرَّة الهمداني. -وتبعه بعض من كتب في تاريخ التفسير على بعض ذلك- دون توضيح وبيان لمقدار ما روي عنه من آثار التفسير، أو إثبات أنه مفسر معروف بالتفسير من خلال وصفه لنفسه أو وصف أقرانه أو تلاميذه أو من خلال وصف مترجميه في كتب التراجم، وعندها يُبحث عن الأسباب التي أدت إلى قلة إنتاجه التفسيري.
(٢) بل فاق المكثرون منهم ما روي عن المكثرين من المكيين، فبلغ مجموع تفسير قتادة والحسن والربيع وأبو العالية ١٠٤٦٧ أثرًا، بينما بلغ مجموع تفسير مجاهد وسعيد وعكرمة وعطاء ٨٣٤٢ أثرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>