للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخُصَّ هؤلاء العشرة لأنهم كانوا ألصق بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (عدا ابن عباس وابن الزبير فعدادهما في صغار الصحابة) من غيرهم، وهم من أعلم الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.

وهذا التعليل قد يكون وجيهًا وأقرب للواقع؛ غير أنه يكدره ما عقّب به السيوطي بعد ذكره لترجمة بعض هؤلاء العشرة حيث قال: "وقد ورد عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء اليسير من التفسير، كأنس وأبي هريرة وابن عمر وجابر وأبي موسى الأشعري، وورد عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أشياء تتعلق بالقصص وأخبار الفتن والآخرة" (١)! إذ إن ظاهر معنى قوله "ورد"، أي: ما نقل من تفسيرهم ووصل إلينا، ومفهوم هذا الكلام -فيما يظهر- أن هؤلاء العشرة ورد عنهم الكثير من التفسير، وهو ما أشكل علينا ابتداء!

جواب آخر: ربما رأى السيوطي أن هؤلاء العشرة هم أقرأ الصحابة للقرآن، وأغلبهم ممن تصدى لإقرائه، وأسانيد القراء من بعدهم تدور عليهم فرأى في ذلك صلة بتفسير القرآن كونهم تصدوا لإقرائه، والغالب على من كان هذا شأنه أن يفسر ما أشكل من معاني القرآن لطلابه، وهم من هم في الحرص على الدعوة والتعليم، خصوصًا إذا علمنا أن مصطلح القراء في عهد الصحابة والتابعين يُراد به أكثر من مجرد إقراء القرآن فيما يظهر، واللَّه أعلم.

من جانب آخر يحتمل أن يكون كلام السيوطي على ظاهره، باعتبار أن كثيرًا من تفسير هؤلاء الصحابة فُقد فيما فُقد من تراث الأمة، لكن هذا يحتاج إلى مستند من كلام السيوطي يوضح أنه يعني ذلك؛ لأن ظاهر كلامه أنه تقرير ناتج من استقراء جميع تفسير الصحابة الذي وصله! وانظر إلى تعبيره بـ "ورد" فهو يوضح ذلك ويعضده، واللَّه أعلم.

على العموم هذه بعض التفسيرات التي يمكن أن تحل هذا الإشكال، وعليها مآخذ كما رأينا، ومن هنا فالمسألة تحتاج لبحث وتحرير، أما مجرد نقل كلام السيوطي واعتماده في تحديد المفسرين من الصحابة -كما هو واقع من المعاصرين عند الحديث عن تفسير الصحابة والتابعين (٢) - دون بيان وتوضيح لمقصوده فهو قصور في البحث العلمي.


(١) الإتقان ٤/ ٢٤٠.
(٢) تناقل كلام السيوطي أغلب من كتب في تاريخ التفسير، ولعل من أوائل من نقله من المعاصرين د. محمد =

<<  <  ج: ص:  >  >>