للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحارث بن يزيد أسلم، وهاجر إلى المدينة، وليس عياش يومئذ حاضرًا، ولم يشعر بإسلامه، فبينا هو يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث بن يزيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال الناس: أيَّ شيء صنعتَ؟ إنّه قد أسلم، فرجع عيّاش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمتَ، وإنِّي لم أشعر بإسلامه حين قتلتُه. فنزل عليه جبريل - عليه السلام - بقوله: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} (١). (ز)

١٩٤٣٨ - قال مقاتل بن سليمان: {وما كان لمؤمن} يعني: عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، يقول: ما كان ينبغي لمؤمن {أن يقتل مؤمنا} يعني: الحارث بن يزيد بن أبي أنيسة من بني عامر بن لؤي {إلا خطئا}، وذلك أنّ الحارث أسلم في موادعة أهل مكة، فقتله عياش خطأ، وكان عياش قد حلف على الحارث بن يزيد لَيَقْتُلَنَّه، وكان الحارث يومئذ [مشركًا]، فأسلم الحارث، ولم يعلم به عيّاشٌ، فقتله بالمدينة (٢). (ز)

١٩٤٣٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في الآية، قال: نزلت في رجل قتله أبو الدرداء، كانوا في سرية، فعدل أبو الدرداء إلى شِعب يريد حاجة له، فوجد رجلًا من القوم في غنم له، فحمل عليه السيف، فقال: لا إله إلا الله. فضربه، ثم جاء بغنمه إلى القوم، ثم وجد في نفسه شيئًا، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا شققت عن قلبه؟». فقال: ما عَسَيْتُ أجد؟! هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء؟ قال: «فقد أخبرك بلسانه فلم تُصَدِّقه!». قال: كيف بي يا رسول الله؟ قال: «فكيف بلا إله إلا الله؟!». قال: فكيف بي يا رسول الله؟ قال: «فكيف بلا إله إلا الله؟!». حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي. قال: ونزل القرآن: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} حتى بلغ: {إلا أن يصدقوا}. قال: إلا أن يضعوها (٣) [١٧٩٩]. (٤/ ٥٨٠)


[١٧٩٩] أفادت الآثار اختلاف المفسرين فيمن نزلت: {وما كانَ لِمُؤْمِنٍ أنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً} على قولين: الأول: نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي، وكان قد قتل رجلًا مسلمًا بعد إسلامه، وهو لا يعلم بإسلامه. وهو قول مجاهد، وعكرمة، والسدي، والكلبي. الثاني: نزلت في أبي الدرداء. وهو قول ابن زيد.
ورجَّح ابنُ جرير (٧/ ٣١٠) عدم القطع بقول منها مستندًا إلى عدم الدّليل القاطع بأحدهما وجوازهما في المعنى، فقال: «إن الله عرَّف عباده بهذه الآية ما على مَن قتل مؤمنًا خطأً مِن كفّارةٍ ودية، وجائزٌ أن تكون الآية هذه نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة وقتيله، وفي أبي الدرداء وصاحبه، وأي ذلك كان فالذي عنى الله تعالى بالآية تعريف عباده ما ذكرنا، وقد عرف ذلك مَن عقل عنه مِن عباده تنزيله، وغيرُ ضائرهم جهلَهم بمن نزلت فيه».
وزاد ابنُ عطية (٢/ ٦٢٨) قولًا، ولم ينسبه: أنها «نزلت في أبي حذيفة اليماني حين قتل خطأً يوم أحد». ثم قال: «وقيل غير هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>