للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أداه إليه اجتهاده مما دوَّنه في كتبه، وفصله بأحسن بيان في كتابه "لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام"، حتى قيل: "ما عمل كتاب في مذهب أجود من كتاب أبي جعفر "اللطيف" لمذهبه" (١)، وعرف مذهبه بـ (الجريري)، وتفقه به جماعة، قال الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ): "وبقي مذهب ابن جرير إلى ما بعد الأربعمائة" (٢).

وله تصانيف كثيرة فائقة الجودة والتحرير؛ حتى وصف غير واحد منها بأنه: لم يصنف مثله. قال تلميذه الفرغاني (ت: ٣٦٢ هـ): "إن قومًا من تلاميذ ابن جرير حصلوا أيام حياته منذ بلغ الحلم إلى أن توفي وهو ابن ست وثمانين، ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته، فصار منها في كل يوم أربع عشرة ورقةً، وهذا شيء لا يتهيأ لمخلوق إِلا بحسن عناية الخالق"، ونقل الخطيب (ت: ٤٦٣ هـ): "أن ابن جرير مكث أربعين سنةً يكتب في كل يوم منها أربعين ورقةً"، وقال الجياني (ت: ٤٩٨ هـ): "هو أكثر أهل الإسلام تصنيفًا"، وعن جودة تأليفه وحسن بيانه يقول الذهبي (ت: ٧٤٨ هـ): "ولأبي جعفر في تآليفه عبارة وبلاغة". ومن أشهر تلك المصنفات:

١ - "جامع البيان عن تأويل آي القرآن"، وقد سماه بذلك ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) في تاريخه (٣)، وهو كذلك في بعض إجازاته به (٤). وقد بدأت فكرة تأليفه منذ صباه، حيث قال: "حدثتني به نفسي وأنا صبي" (٥)، ويقول عن نفسه: "استخرت اللَّه تعالى في عمل كتاب التفسير، وسألته العون على ما نويته ثلاث سنين قبل أن أعمله، فأعانني" (٦)، وقد شرع في إملاءه سنة (٢٧٠ هـ) ببغداد، وكان عزم أول أمره على البسط والاستيعاب، ثم عدل عن ذلك لما رأى من ضعف همة الطلاب، فقد روى الخطيب (ت: ٤٦٣ هـ): "أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؛ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه. فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. ثم قال: تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوًا مما ذكره فى التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا للَّه ماتت الهمم. فاختصره في نحو مما اختصر التفسير" (٧)، وقد أشار إلى قصد الاختصار في مقدمته حيث قال في منهج تأليفه: "بأوجز ما أمكن من


(١) معجم الأدباء ٦/ ٢٤٥٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٨/ ٩٢.
(٣) ١/ ٨٩.
(٤) ينظر: معجم الأدباء ٦/ ٢٤٤٤.
(٥) معجم الأدباء ٦/ ٢٤٥٣.
(٦) المرجع السابق.
(٧) تاريخ بغداد ٢/ ٥٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>