للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإيجاز في ذلك، وأخصر ما أمكن من الاختصار فيه" (١).

وانتشر عنه الكتاب بعد ذلك واشتهر، وأملاه مرات، منها ما أملاه من سنة (٢٨٣ هـ) إلى سنة (٢٩٠ هـ)، وقرئ عليه أيضًا في أواخر حياته سنة (٣٠٦ هـ) (٢). وقد طبع مرات عديدةً واختصر، وكتبت فيه الأبحاث الوافرة.

وقد اجتهد ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) في تحرير تفسيره غاية التحرير، قال عبد العزيز بن محمد الطبري: "قال أبو عمر الزاهد -غلام ثعلب- وكان معروفًا زمنًا طويلًا بمقابلة الكتب: سألت أبا جعفر عن تفسير آية، فقال: قابل بهذا الكتاب من أوله إلى آخره. قلت: فقابلت، فما وجدت فيه حرفًا واحدًا خطأً في نحو ولا لغة" (٣). وما إن فرغ ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) من تدوين تفسيره وإقرائه حتى انتشر عنه شرقًا وغربًا، وتنافس الناس في نسخه وتحصيله، واشتهر به مؤلفه غاية الاشتهار، وعرف به فضله في العلم وإمامته، قال ابن كامل (ت: ٣٥٠ هـ): "حمل هذا الكتاب مشرقًا ومغربًا، وقرأه كل من كان في وقته من العلماء، وكل فضله وقدمه" (٤)، بل صار هذا التفسير معيارًا توزن به التفاسير، قال ابن حزم (ت: ٤٥٦ هـ): "من مصنفات بقي بن مخلد كتاب (تفسير القرآن)، وهو الكتاب الذي أقطع قطعًا لا أستثني فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله، ولا تصنيف محمد بن جرير الطبري، ولا غيره" (٥).

وقد شهد العلماء من زمن ابن جرير (ت: ٣١٠ هـ) فمن بعده بجلالة هذا التفسير وتفرده وسبقه، فقال ابن خزيمة (ت: ٣١١ هـ): "نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير" (٦)، وقال أبو حامد الإسفرائيني (ت: ٤٠٦ هـ): "لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا" (٧)، وقال الخطيب (ت: ٤٦٣ هـ): "كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله" (٨)، وقال ابن العربي (ت: ٥٤٣ هـ): "ولم يؤلف في الباب -أي: أحكام القرآن- أحد كتابًا به


(١) جامع البيان ١/ ٧.
(٢) ينظر: جامع البيان ١/ ٣، وتاريخ بغداد ٢/ ٥٥١.
(٣) معجم الأدباء ٦/ ٢٤٥٣.
(٤) معجم الأدباء ٦/ ٢٤٥٢.
(٥) رسائل ابن حزم ٢/ ١٧٨، ومعجم الأدباء ٢/ ٧٤٧.
(٦) تاريخ بغداد ٢/ ٥٥١.
(٧) تاريخ بغداد ٢/ ٥٥٠.
(٨) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>