ورجَّح ابنُ جرير (٧/ ٣٧٨) قول ابن محيريز، وانتقد قول قتادة وابن زيد مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية قائلًا: «لأنّ قوله -تعالى ذِِكْرُه-: {دَرَجاتٍ مِنهُ}، ترجمة وبيان عن قوله: {أجْرًَا عَظِيمًا}، ومعلوم أنّ الأجر إنما هو الثواب والجزاء، وإذا كان ذلك كذلك، وكانت الدرجات والمغفرة والرحمة ترجمة عنه، كان معلومًا أن لا وجْه لقول مَن وجَّه معنى قوله: {دَرَجاتٍ مِنهُ} إلى الأعمال وزيادتها على أعمال القاعدين عن الجهاد كما قال قتادة أو ابن زيد». ورجَّح ابنُ القيم (١/ ٢٩٢) مستندًا إلى السنة بأن «الدرجات هي المذكورة في حديث أبى هريرة الذى رواه البخاري في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، فإنّ حقًّا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيله أو جلس في أرضه التي ولد فيها». قالوا: يا رسول الله، أفلا تخبر الناس بذلك؟ قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين كما بين السماءِ والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة»». ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠) قول ابن محيريز، وابن زيد، فقال: «ودرجات الجهاد لو حصرت أكثر من هذه، لكن يجمعها بذل النَّفْس والمال، والاعتمال بالبدن والمال في أن تكون كلمة الله هي العليا، ولا شك أن بحسب مراتب الأعمال ودرجاتها تكون مراتب الجنة ودرجاتها، فالأقوال كلها متقاربة».