للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٧٩٨ - قال مقاتل بن سليمان: {درجات منه} فضائل من الله في الجنة سبعين درجة بين كل درجتين مسيرة سبعين سنة، {ومغفرة} لذنوبهم، {ورحمة} (١). (ز)

١٩٧٩٩ - عن ابن وهب، قال: سألت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن قول الله تعالى: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه}. قال: الدرجات هي السبع التي ذكرها في سورة براءة: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب}. فقرأ حتى بلغ: {أحسن ما كانوا يعملون}. قال: هذه السبع درجات. قال: كان أول شيء، فكانت درجة الجهاد مجملة، فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه، فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها، ولم يكن له منها إلا النفقة. فقرأ: {لا يصيبهم ظمأ ولا نصب}. وقال: ليس هذا لصاحب النفقة. ثم قرأ: {ولا ينفقون نفقة}. قال: وهذه نفقة القاعد (٢) [١٨٠٩]. (٤/ ٦٣٣)


[١٨٠٩] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في معنى الدرجات على أقوال: الأول: الإسلام درجة، والهجرة في الإسلام درجة، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة. وهو قول قتادة. الثاني: هي السبع التي ذكرها الله في براءة حين قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ} إلى قوله: {ولا يَقْطَعُونَ وادِيًا إلا كُتِبَ لَهُمْ} [التوبة: ١٢٠ - ١٢١]. وهو قول ابن زيد. الثالث: هي درجات الجنة. وهو قول ابن محيريز.
ورجَّح ابنُ جرير (٧/ ٣٧٨) قول ابن محيريز، وانتقد قول قتادة وابن زيد مستندًا إلى ظاهر لفظ الآية قائلًا: «لأنّ قوله -تعالى ذِِكْرُه-: {دَرَجاتٍ مِنهُ}، ترجمة وبيان عن قوله: {أجْرًَا عَظِيمًا}، ومعلوم أنّ الأجر إنما هو الثواب والجزاء، وإذا كان ذلك كذلك، وكانت الدرجات والمغفرة والرحمة ترجمة عنه، كان معلومًا أن لا وجْه لقول مَن وجَّه معنى قوله: {دَرَجاتٍ مِنهُ} إلى الأعمال وزيادتها على أعمال القاعدين عن الجهاد كما قال قتادة أو ابن زيد».
ورجَّح ابنُ القيم (١/ ٢٩٢) مستندًا إلى السنة بأن «الدرجات هي المذكورة في حديث أبى هريرة الذى رواه البخاري في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، فإنّ حقًّا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيله أو جلس في أرضه التي ولد فيها». قالوا: يا رسول الله، أفلا تخبر الناس بذلك؟ قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين كما بين السماءِ والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة»».
ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠) قول ابن محيريز، وابن زيد، فقال: «ودرجات الجهاد لو حصرت أكثر من هذه، لكن يجمعها بذل النَّفْس والمال، والاعتمال بالبدن والمال في أن تكون كلمة الله هي العليا، ولا شك أن بحسب مراتب الأعمال ودرجاتها تكون مراتب الجنة ودرجاتها، فالأقوال كلها متقاربة».

<<  <  ج: ص:  >  >>