ورجَّح ابنُ جرير (٧/ ٤٢٢ - ٤٢٣) القول الأول الذي قاله ابن عباس، والضحاك، وطاووس، والسدي، ومجاهد مستندًا إلى سياق الآية، وأقوال السلف، فقال: «لدلالة قول الله تعالى: {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} [النساء: ١٠٣] على أن ذلك كذلك؛ لأن إقامتها إتمام حدودها من الركوع والسجود وسائر فروضها، دون الزيادة في عددها التي لم تكن واجبة في حال الخوف». وبيّن ابنُ كثير (٤/ ٢٣٧ - ٢٤٥) أنّ قوله: {إن خفتم} قيدٌ لا معنى له؛ لخروجه مخرج الغالب، إذ كانت غالب أسفارهم مخوفة في مبدأ الإسلام قبل الهجرة. ورجَّح مستندًا إلى السنة والسياق ما رجَّحه ابنُ جرير، وذكر جملة من الأحاديث المفيدة أنّ القصر ليس من شرطه الخوف، وأنّ القصر لا يُطلَق على صلاة الركعتين في السفر لأنها تمام، فكيف يكون المراد قصر الكمية؟! كما أفاد -مع ذلك- قول الله بعدها: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} أنّ القصر في الكيفيّة. وانتَقَد ذلك ابنُ تيمية (٢/ ٣٢٧) مستندًا لمخالفته لظاهر الآية، فقال: «وهذا يرد عليه أنّ صلاة الخوف جائزة حضرًا وسفرًا، والآية أفادت القصر في السفر». ورجَّح ابنُ تيمية (٢/ ٣٢٧ بتصرف) مستندًا إلى الدلالات العقلية أنّ الآية أفادت قصر العدد وقصر العمل جميعًا، فقال: «وهو الأصح؛ ولهذا علق ذلك بالسفر والخوف، فإذا اجتمع الضرب في الأرض والخوف أبيح القصر الجامع لهذا ولهذا، وإذا انفرد السفر فإنما يبيح قصر العدد، وإذا انفرد الخوف فإنما يفيد قصر العمل».