اللتين ذكر الله فيهما نشوزَ المرء، وإعراضَه عن امرأته، في قوله:{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} إلى تمام الآيتين؛ أنّ المرء إذا نَشَز عن امرأته، وآثر عليها، فإنّ من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها، أو تستقر عنده على ما كانت مِن أثَرَةٍ في القسم مِن ماله ونفسه، فإن استقرت عنده على ذلك، وكرهت أن يطلقها، فلا حرج عليه فيما آثر عليها من ذلك، فإن لم يعرض عليها الطلاق، وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضاه وتَقَرَّ عنده على الأَثَرَةِ في القسم من ماله ونفسه صلح له ذلك، وجاز صلحها عليه. كذلك ذكر سعيد بن المسيب وسليمان الصلح الذي قال الله - عز وجل -: {فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير}. =
٢٠٤٨١ - وقد ذكر لي: أنّ رافع بن خديج الأنصاري -وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم --كانت عنده امرأة، حتى إذا كبرت تزوَّج عليها فتاة شابة، وآثر عليها الشابة، فناشدته الطلاق، فطلقها تطليقة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحل راجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق، فطلقها تطليقة أخرى، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحل راجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق، فقال لها: ما شئت، إنما بقيت لك تطليقة واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين مِن الأَثَرَة، وإن شئت فارقتك. فقالت: لا، بل أسْتَقِرُّ على الأَثَرَة. فأمسكها على ذلك، فكان ذلك صلحهما، ولم ير رافع عليه إثمًا حين رضيت أن تستقر عنده على الأَثَرَة فيما أثر به عليها (١)[١٨٧٥]. (ز)
٢٠٤٨٢ - عن سعيد بن جبير -من طريق سالم- قال: جاءت المرأة حين نزلت هذه الآية: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا}، قالت: إني أريد أن تَقْسِم لي من نفسك. وقد كانت رَضِيَت أن يدعها فلا يُطَلِّقها، ولا يأتيها؛ فأنزل الله:
[١٨٧٥] علَّق ابنُ كثير (٤/ ٣٠٤) على هذا الأثر بقوله: «وهذا رواه بتمامه عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن أبيه، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، فذكره بطوله».