للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسرائيل الذي بَعَث إلى عيسى ليقتله رجلًا منهم يقال له: داود، فلمّا أجمعوا لذلك منه لم يُفْظَع عَبْدٌ مِن عباد الله بالموت -فيما ذُكِر لي- فَظَعَه، ولم يجزع منه جزعَه، ولم يدعُ اللهَ في صرفه عنه دعاءَه، حتى إنّه ليقول- فيما يزعمون-: اللهم، إن كُنتَ صارِفًا هذه الكأس عن أحدٍ مِن خلقك فاصرفها عني. وحتى إنّ جِلدَه مِن كرب ذلك لَيَتَفَصَّدُ دمًا، فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابُه، وهم ثلاثة عشر بعيسى، فلمّا أيْقَن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه مِن الحواريين. وكانوا اثني عشر رجلًا: فُطْرُس، ويعقوب بن زَبْدِي، ويُحَنَّس أخو يعقوب، وأَنْدَرابِيس، وفيلِبُّس، وأبَرَثَلْما، ومتّى، وتُوماس، ويعقوب بن حلقايا، وتُدّاوسيسُ، وفتاتيا، ويُودُس زكريا يُوطا. قال محمد بن إسحاق: وكان فيهم -فيما ذُكِر لي- رجلٌ اسمه سَرْجِسُ، فكانوا ثلاثة عشر رجلًا سوى عيسى، جحدته النصارى، وذلك أنّه هو الذي شُبِّه لليهود مكان عيسى. قال: فلا أدري ما هو مِن هؤلاء الاثني عشر أم كان ثالث عشر؟! فجحدوه حين أقرُّوا لليهود بصَلْبِ عيسى، وكفروا بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - مِن الخبر عنه. فإن كانوا ثلاثة عشر فإنّهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى أربعة عشر، وإن كانوا اثني عشر فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى ثلاثة عشر (١). (ز)

٢٠٩٢٥ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: حدثني رجل كان نصرانِيًّا فأسلم: أنّ عيسى حين جاءه من الله: {إني رافعك إلي} [آل عمران: ٥٥] قال: يا معشر الحواريين، أيكم يُحِبُّ أن يكون رفيقي في الجنة حتى يُشَبَّهَ للقوم في صورتي عليه؟ فأخذوه، فصلبوه، فكان هو الذي صلبوه وشُبِّه لهم به، وكانت عِدَّتُهم حين دخلوا مع عيسى معلومة، قد رأوهم فأحْصَوْا عِدَّتهم، فلمّا دخلوا عليه ليأخذوه وجدوا عيسى فيما يرون وأصحابَه، وفقدوا رجلًا مِن العِدَّة، فهو الذي اختلفوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى، حتى جعلوا ليُودُسَ زكريا يُوطا ثلاثين دِرهمًا على أن يَدُلَّهم عليه، ويُعَرِّفهم إيّاه، فقال لهم: إذا دخلتم عليه فإني سأُقَبِّله، وهو الذي أُقَبِّل، فخذوه، فلما دخلوا عليه -وقد رُفِع عيسى- رأى سَرْجِس في صورة عيسى، فلم يَشُكَّ أنه هو عيسى، فأَكَبَّ عليه، فقَبَّله، فأخذوه، فصلبوه. ثُمَّ إنّ يُودُسَ زكريا يُوطا ندِم على ما صنع، فاختنق بحبلٍ حتى قتل نفسه، وهو ملعون في النصارى، وقد كان


(١) أخرجه ابن جرير ٧/ ٦٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>