للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدَ المعدودين من أصحابه، وبعضُ النصارى يزعم أنّ يُودُسَ زكريا يُوطا هو الذي شُبِّه لهم فصلبوه، وهو يقول: إنِّي لستُ بصاحبكم، أنا الذي دَلَلْتُكم عليه. واللهُ أعلم أيّ ذلك كان (١). (ز)

٢٠٩٢٦ - قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال تعالى: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} بصاحبهم الذي قتلوه، وكان الله - عز وجل - قد جعله على صورة عيسى، فقتلوه، وكان المقتول لَطَم عيسى، وقال لعيسى حين لَطَمه: أتكذِب على الله حين تزعم أنّك رسوله؟! فلما أخذه اليهود ليقتلوه قال لليهود: لستُ بعيسى، أنا فلان. واسمه يهوذا، فكذَّبوه، وقالوا له: أنت عيسى. وكانت اليهود جعلتِ المقتولَ رقيبًا على عيسى - صلى الله عليه وسلم -، فألقى اللهُ -تعالى ذِكْرُه- شِبْهَه على الرَّقيب، فقتلوه (٢) [١٩٠١]. (ز)


[١٩٠١] أفادت الآثارُ اختلافَ المفسرين في صفة التشبيه الذي شُبِّه لليهود في أمر عيسى على أقوال: الأول: قول وهب بن منبه، وقد جاء من طريقين على صفتين، إحداهما: أنّ عيسى - عليه السلام - وأصحابَه جميعًا حُوِّلوا في صورة عيسى، فأُشْكِل على مريدي قتل عيسى معرفته من غيره، وخرج إليهم بعضُ مَن كان في البيت مع عيسى، فقتلوه وهم يحسبونه عيسى. والأخرى: أنّ القوم الذين كانوا مع عيسى - عليه السلام - في البيت تَفَرَّقوا عنه قبل أن يدخل عليه اليهود، وبقي عيسى وأحدُ أصحابه، وأُلْقِي شِبْهُه عليه بعدما تفرق القوم عنه، ورُفِع عيسى، فقُتِل الذي تحوَّل في صورة عيسى مِن أصحابه، وظنَّ أصحابُه واليهودُ أنّ الذي قُتِل وصُلِب هو عيسى؛ لِما رأوا مِن شِبْهِه به، وخفاء أمر عيسى عليهم. الثاني: أنّ عيسى - عليه السلام - سأل مَن كان معه في البيت أن يُلْقى على بعضهم شِبْهُه، فانتدب لذلك منهم رجل، فأُلْقِي عليه شِبْهه، فقُتِل ذلك الرجل، ورُفِع عيسى. وهو قول الباقين.
ورَجَّح ابنُ جرير (٧/ ٦٥٨ - ٦٥٩) مستندًا إلى الدلالة العقلية القول الأول، وقال: «لأنّ الذين شهدوا عيسى مِن الحواريين لو كانوا في حال ما رُفِع عيسى، وأُلْقِي شِبْهه على مَن أُلْقِي عليه شِبْهُه، كانوا قد عاينوا عيسى وهو يُرفَع مِن بينهم، وأثبتوا الذي أُلْقِي عليه شِبْهُه، وعاينوه متحوِّلًا في صورته بعد الذي كان به مِن صورة نفسه بمَحْضَرٍ منهم؛ لم يَخْفَ ذلك من أمْرِ عيسى، وأَمْرِ من أُلْقِي عليه شبهه عليهم، مع معاينتهم ذلك كلَّه، ولم يلتبس ولم يُشْكِل عليهم، وإن أشْكَل على غيرهم من أعدائهم من اليهود أنّ المقتول والمصلوب كان غير عيسى، وأنّ عيسى رُفِع من بينهم حيًّا. وكيف يجوز أن يكون كان أشْكَل ذلك عليهم وقد سَمِعوا من عيسى مقالتَه: مَن يُلْقى عليه شبهي، ويكون رفيقي في الجنة؟ إن كان قال لهم ذلك، وسَمعوا جواب مجيبه منهم: أنا. وعاينوا تحوَّل المجيب في صورة عيسى بعَقِب جوابه؟!».

<<  <  ج: ص:  >  >>