للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجنته نار، فمن ابتُلِي بناره فليستعن بالله، وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردًا وسلامًا كما كانت النار على إبراهيم. وإنّ مِن فتنته أن يقول لأعرابيٍّ: أرأيتَ إن بعثتُ لك أباك وأمك، أتشهدُ أنِّي ربُّك؟ فيقول له: نعم. فيمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني، اتبعه؛ فإنّه ربك. وإنّ مِن فتنته أن يُسَلَّط على نفسٍ واحدة، فيقتلها؛ ينشرها بالمنشار حتى يُلْقى شِقَّتَيْن، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإنِّي أبعثه الآن. ثم يزعم أن له ربًّا غيري، فيبعثه الله، فيقول له الخبيث: مَن ربُّك؟ فيقول: ربي الله، وأنت عدوُّ اللهِ الدجالُ، واللهِ، ما كنتُ أشدَّ بصيرةً بِكَ مِنِّي اليوم. وإنّ مِن فتنته أن يأمر السماء أن تُمْطِر فتُمْطِر، ويأمر الأرض أن تُنبِت فتُنبِت. وإنّ مِن فتنته أن يَمُرَّ بالحيِّ فيُكَذِّبونه، فلا يبقى لهم سائمةٌ إلا هَلَكَتْ، وإنّ مِن فتنته أن يَمُرَّ بالحَيِّ فيُصَدِّقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تُنبِت فتُنبِت، حتى تروح مواشيهم مِن يومهم ذلك أسمنَ ما كانت، وأعظمَه، وأَمَدَّه خَواصِر، وأدَرَّه ضُروعًا. وإنّه لا يبقى من الأرض شيءٌ إلا وطِئَه وظَهَر عليه، إلا مكة والمدينة، فإنّه لا يأتيها مِن نقب مِن نقابها إلا لقيته الملائكةُ بالسيوف صلْتَةً، حتى ينزل عند الظُّرَيْب (١) الأحمر، عند منقطع السَّبَخَة، فترجُفُ المدينةُ بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافقٌ ولا منافقةٌ إلا خرج إليه، فتنفي الخبثَ منها كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديدِ، ويُدْعى ذلك اليوم يوم الخلاص». فقالت أم شَرِيكٍ بنتُ أبِي العَكَرِ: يا رسول الله، فأين العربُ يومئذ؟ قال: «هم قليل، وجُلُّهم ببيت المقدس، وإمامُهم رجل صالح، فبينما إمامُهم قد تقدَّم يُصَلِّي الصبحَ إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمامُ يمشي القهقرى؛ ليتقدم عيسى يصلي، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ؛ فإنّها لك أُقِيمَتْ. فيصلي بهم إمامُهم، فإذا انصرف قال عيسى: أقيموا الباب. فيُفْتَح، ووراءه الدجالُ، معه سبعون ألف يهودي، كلُّهم ذو سيف مُحَلًّى وساجٍ (٢)، فإذا نظر إليه الدجالُ ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هارِبًا، ويقول عيسى: إنّ لي فيك ضربةً لن تسبقني بها. فيدركه عند باب لُدٍّ الشرقي، فيقتله، فيهزم اللهُ اليهودَ، فلا يبقى شيءٌ مِمّا خلق اللهُ يتوارى به يهوديٌّ إلا أنطق اللهُ الشيءَ، لا حجر، ولا شجر، ولا دابة، ولا حائط -إلا الغرقدة؛ فإنها من شجرهم لا تنطق- إلا قال: يا عبدَ الله المسلم، هذا يهوديٌّ، فتعالَ، فاقتله». قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وإنّ أيامه أربعون


(١) الظُّرَيْب: تصغير ظَرِب، وهو الجبل الصغير. النهاية (ظرب).
(٢) الساج: الطيلسان الأحمر. النهاية (سيج).

<<  <  ج: ص:  >  >>