للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شُرَيْحَ بن ضُبَيْعَة جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا محمد، اعْرِض عَلَيَّ دينك. فعَرَض عليه، وأخبره بما له وبما عليه، فقال له شُرَيْح: إنّ في دينك هذا غِلَظًا، فأرجع إلى قومي فأعرض عليهم ما قلتَ؛ فإن قَبِلوه كنت معهم، وإن لم يقبلوه كنتُ معهم. فخرج من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لقد دخل بقلب كافر، وخرج بوجه غادر، وما أرى الرجل بمسلم». ثم مَرَّ على سَرْح المدينة، فاستاقها، فطلبوه، فسبقهم إلى المدينة، وأنشأ يقول:

قد لفها الليل بسواق حُطَمٍ ... ليس براعي إبل ولا غنم

ولا بجزّار على ظهر وضَمٍ ... خَدَلَّج الساق ولا رَعِشُ القدم

-قال أبو صالح [الهذيل بن حبيب]: قتله رجل من قومه على الكفر، وقَدِم الرجل الذي قتله مُسْلِمًا- فلمّا سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمرًا عام الحديبية في العام الذي صَدَّه المشركون، جاء شُرَيْح إلى مكة مُعْتَمِرًا، معه تجارة عظيمة، في حُجّاج بكر بن وائل، فلَمّا سمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدوم شُرَيْح وأصحابه، وعرفوا بنبئهم، فأراد أهل السَّرْح أن يُغِيروا عليه كما أغار عليهم من قبْلُ شُرَيْح وأصحابه، فقالوا: نَسْتَأْمِر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فاسْتَأْمَرُوه، فنزلت الآية: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ}، يعني: أمر المناسك، ولا تستحلوا في الشهر الحرام أخذ الهدي، ولا القلائد، يقول: ولا تُخِيفوا من قَلَّد بعيره، ولا تستحلوا القتلَ، {آمِّين البيت الحرام} يعني: متوجهين قِبَل البيت الحرام، من حجاج المشركين، يعني: شُرَيْح بن ضبيعة وأصحابه، {يبتغون} بتجاراتهم {فضلًا من الله} يعني: الرزق والتجارة، ورضوانه بحجهم، فنهى الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتالهم (١). (ز)

٢١٢٩٣ - عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حَجّاج- قوله: {ولا آمين البيت الحرام}، قال: ينهى عن الحجاج أن تُقْطَع سُبُلُهم. قال: وذلك أن الحُطَم قَدِم على النبي - صلى الله عليه وسلم - لِيَرْتاد وينظر، فقال: إنِّي داعية قومي، فاعرض علَيَّ ما تقول. قال له: «أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت». قال الحُطَم: في أمرك هذا غِلْظَة، أرجع إلى قومي، فأذكر لهم ما ذكرت؛ فإن قَبِلوه أقبلت معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له: «ارجع». فلَمّا خرج قال: «لقد دخل عَلَيَّ بوجه كافر، وخرج من عندي بعَقِبَيْ غادر،


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٤٤٩ - ٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>