للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهم حتى يُسْلِمُوا، فنَسَخَت هذه الآيةَ آيةُ السيف، فقال - عز وجل -: {فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] (١). (ز)

٢١٣٠٤ - قال مقاتل بن سليمان: نَسَخَتْ آيةُ السيف هذه الآيةَ كلَّها (٢). (ز)

٢١٣٠٥ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام}، قال: هذا كله منسوخ، نسخ هذا ما أمره بجهادهم كافة (٣) [١٩٢٩]. (ز)


[١٩٢٩] رجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ٣٩ - ٤٠ بتصرف) مستندًا إلى الإجماع ودلالة العقل قولَ ابن زيد هذا، وما ماثله من قول ابن عباس، وقتادة، والسدي، فقال: «وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصِّحَّة قَوْلُ مَن قال: نَسَخَ الله من هذه الآية قولَه: {ولا الشَّهْرَ الحَرامَ ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ}؛ لإجماع الجميع على أنّ الله قد أحَلَّ قتال أهل الشِّرْك في الأشهر الحُرُم وغيرِها مِن شهور السَّنة كُلِّها، وكذلك أجمعوا على أنّ المشرك لو قَلَّد عُنُقَه أو ذراعَيْه لِحاءَ جميع أشجار الحرم لم يكن ذلك له أمانًا مِن القتل إذا لم يكن تَقَدَّمَ له عَقْدُ ذِمَّةٍ من المسلمين أو أمانٌ. وأمّا قوله: {ولا آمِّينَ البَيْتَ الحَرامَ} فإنه مُحْتَمَلُ ظاهرِه: ولا تُحِلُّوا حُرْمَةَ آمِّينَ البيتَ الحرامَ مِن أهلِ الشِّرْكِ والإسلام؛ لِعُمُومِ جميع مَن أمَّ البيتَ. وإذا احْتَمَلَ ذلك -فكان أهلُ الشِّركِ داخلين في جُمْلَتهم- فلا شكَّ أنّ قوله: {فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ} ناسِخٌ له؛ لأنّه غيْرُ جائِزٍ اجْتِماعُ الأَمْرِ بِقَتْلِهِم وتَرْكِ قَتْلِهِم في حال واحدة ووَقْت واحد. وفي إجماع الجميع على أنّ حُكْمَ الله في أهل الحرب مِنَ المشركين قتْلُهُم، أمُّوا البيتَ الحرامَ أو البيتَ المُقَدَّسَ في أشهر الحُرُم وغيرِها، ما يُعْلَمُ أنّ المنعَ مِن قتلهم إذا أمُّوا البيتَ الحرامَ منسوخٌ، ومُحْتمِلٌ أيضًا: ولا آمِّين البيت الحرام من أهل الشِّركِ، وأكثر أهل التَّأويل على ذلك. وإن كان عُنِيَ بذلك المشركون مِن أهل الحرب، فهو أيضًا لا شَكَّ منسوخٌ. وإذْ كان ذلك كذلك، وكان لا اختلاف في ذلك بينهم ظاهر، وكان ما كان مُسْتَفِيضًا فيهم ظاهرَ الحُجَّةِ؛ فالواجبُ -وإنِ احتمل ذلك معنى غير الذي قالوا- التَّسليمُ لِما استفاض بصحته نقلهم».
وذَهَبَ إلى النسخ أيضًا ابنُ عطية (٣/ ٨٩) مستندًا إلى زمن النزول والدلائل العقلية، فقال: «فكُلُّ ما في هذه الآية مما يُتَصَوَّر في مسلم حاجٍّ فهو مُحْكَم، وكل ما كان منها في الكفار فهو منسوخ». ثم قال: «وهذه الآية اسْتِئْلافٌ مِن الله تعالى للعَرَب، ولُطْفٌ بهم؛ لِتَنبَسِط النفوس، ويَتَداخل الناس، ويَرِدُون الموسم فيسمعون القرآن، ويدخل الإيمان في قلوبهم، وتقوم عندهم الحجة كالذي كان. وهذه الآية نزلت عام الفتح، ونسخ الله تعالى ذلك كله بعد عام سنة تسع إذ حج أبو بكر، ونودي الناس بسورة براءة».

<<  <  ج: ص:  >  >>