ورجَّحَ ابن جرير (٨/ ١٣٤) القولَ الأولَ؛ لإجماع الحجة، وهو قول ابن عباس، والحسن، وعكرمة، وابن المسيب، والشعبي، وابن شهاب، وعطاء، والحكم، وحماد، وقتادة. وبيَّنَ أنّ ما ورد بالنهي عن ذبائح نصارى العرب كان من أجل أنهم تركوا تحليل ما تُحَلِّل النصارى، وتحريم ما تُحَرّم غير الخمر، لا من أجل أنهم ليسوا من بني إسرائيل. ومَن كان مُنتَحِلًا ملّةً هو غير متمسك منها بشيء، فهو إلى البراءة منها أقرب منه إلى اللحاق بها وبأهلها. ثمَّ قال: «فإذا كان ذلك كذلك، وكان إجماعًا من الحُجَّة أن لا بأس بذبيحة كل نصرانيّ ويهوديّ دان دين النصرانيّ أو اليهودي، فأحل ما أحلُّوا، وحرَّم ما حرموا، من بني إسرائيل كان أو من غيرهم؛ فبيِّنٌ خطأ ما قال الشافعي في ذلك، وتأويله الذي تأوّله في قوله: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم} أنّه ذبائح الذين أوتوا الكتابَ التوراةَ والإنجيلَ من بني إسرائيل، وصواب ما خالف تأويله ذلك، وقولِ من قال: إن كل يهودي ونصراني فحلال ذبيحتُه، من أيِّ أجناس بني آدم كان».