للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكسر (١). (ز)

٢١٧٧٧ - عن عامر الشَّعْبِيّ -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- أنّه كان يقرأ: «وأَرْجُلِكُمْ» بالخفض (٢). (ز)

٢١٧٧٨ - عن الأعمش، قال: كان أصحاب عبد الله يقرءونها: {وأَرْجُلَكُمْ}؛ فيغسلون (٣). (ز)

٢١٧٧٩ - عن الأعمش، قال: كانوا يقرءونها: «بِرُءُوسِكُمْ وأَرْجُلِكُمْ» بالخفض، وكانوا يغسلون (٤). (٥/ ٢٠٥)

٢١٧٨٠ - عن الحسن البصري -من طريق منصور، وعباد- أنّه كان يقرأ: «وأَرْجُلِكُمْ» (٥). (ز)

٢١٧٨١ - عن أبي جعفر [محمد الباقر]-من طريق غالِب- أنه قرأ: «وأَرْجُلِكُمْ» بالخفض (٦). (ز)

٢١٧٨٢ - عن جابر بن نوح، قال: سمعت الأعمش يقرأ: {وأَرْجُلَكُمْ} بالنصب (٧) [١٩٩٥]. (ز)


[١٩٩٥] اختلف القَرَأَةُ في قراءة قوله تعالى: {وأرجلكم إلى الكعبين}، فقرأه جماعة بنصب {وأرجلَكم}، وقرأه جماعة بخفض {وأرجلِكم}، وبحسب هذا اختلف أهل التأويل في بيان معناه: فمن قرأ بالنصب جعل العامل: «اغسلوا»، وبنى على أنّ الفرض في الرجلين الغسل لا المسح، وهذا مذهب الجمهور، والمرويّ من فِعْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو اللازم من قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد رأى قومًا يتوضؤون وأعقابهم تَلُوح، فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعْقاب من النار». ومن قرأ بالخفض جعل العامل أقرب العامِلَين، واختلفوا، فقالت فرقة منهم: الفرض في الرجلين المسحُ لا الغسل. وهذا مذهب الشيعة، ومَن وافقهم. وقالت فرقة أخرى منهم: المسح في الرجلين هو الغسل. وروي عن أبي زيد أن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحًا، ويقولون: تمسحت للصلاة. بمعنى: غسلت أعضائي".
وذَهَبَ ابنُ عطية (٣/ ١١٨)، وابنُ تيمية (١/ ٤١٨ - ٤٢١)، وابنُ كثير (٥/ ١٠٩ - ١١٣) إلى وجوب الغسل، ويفهم ذلك من كلام ابن القيم (١/ ٣١٤)، وإلى ذلك ذَهَبَ ابن جرير (٨/ ١٩٨ - ١٩٨) أيضًا؛ استنادًا إلى السُّنَّة، ولغة العرب، ولكنه عبَّرَ بعبارة تجمع بين القراءتين، وتُصَوِّبهما، فقال: «والصواب من القول عندنا في ذلك: أنّ الله -عزّ ذِكْرُه- أمر بعموم مسح الرِّجْلَيْن بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ كان مُسْتَحِقًّا اسم «ماسحٍ غاسلٍ»؛ لأن غسلهما إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء، ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما، فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو «ماسح غاسل». ولذلك -مِن احتمال «المسح» المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص، اللذين أحدهما: مسح ببعض، والآخر: مسح بالجميع- اختلفت قراءةُ القَرَأَة في قوله: {وأرجلكم}، فنصبها بعضُهم توجيهًا منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل، وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعموم مسحهما بالماء. وخفضها بعضهم توجيهًا منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح. ولمّا قلنا في تأويل ذلك:» إنه معنيٌّ به عموم مسح الرجلين بالماء «، كرِه مَن كرِه للمتوضِّئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيهًا منه قوله: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما، مع غسلهما بالماء. وأجاز ذلك من أجاز توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. فإذا كان في» المسح «المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحًا بالأدلّة الدّالِّة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح، فبيِّنٌ صوابُ القراءتين جميعًا، أعني: النصب في الأرجل والخفض؛ لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلَهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحَهما. فوجْهُ صواب قراءة من قرأ ذلك نصبًا: لِما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما. ووجْهُ صواب قراءة من قرأه خفضًا: لِما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحًا بهما. غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها قراءةُ من قرأ ذلك خفضًا؛ لِما وصفت من جمع المسحِ المعنيين اللَّذَيْنِ وصفتُ، ولأنه بعد قوله: {وامسحوا برءوسكم} فالعطف به على» الرءوس «مع قربه منه أوْلى من العطف به على» الأيدي «، وقد حيل بينه وبينها بقوله: {وامسحوا برءوسكم}. فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟ قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار». ولو كان مسح بعض القدم مُجْزِئًا من عمومها بذلك؛ لِما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها؛ لأنّ من أدّى فرضَ الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل، وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسلِ عَقِبه في وضوئه أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه».ووجّه ابنُ كثير (٥/ ١١٠) كلام ابن جرير هنا بقوله: «ومَن نقل عن أبي جعفر ابن جرير أنه أوجب غسلهما للأحاديث، وأوجب مسحهما للآية؛ فلم يُحَقِّق مذهبه في ذلك، فإنّ كلامه في تفسيره إنما يدل على أنه أراد أنه يجب دَلْكُ الرِّجلين من دون سائر أعضاء الوضوء؛ لأنهما يليان الأرض والطين وغير ذلك، فأوجب دَلْكَهما لِيَذْهَب ما عليهما، ولكنه عَبَّرَ عن الدَّلْك بالمسح، فاعتقد مَن لم يتأمل كلامه أنه أراد وجوب الجمع بين غسلِ الرجلين ومسحِهما، فحكاه من حكاه كذلك؛ ولهذا يستشكله كثير من الفقهاء، وهو معذور؛ فإنه لا معنى للجمع بين المسح والغسل، سواء تقدمه أو تأخر عليه؛ لاندراجه فيه، وإنما أراد الرجل ما ذكرته، والله أعلم. ثم تأملتُ كلامَه أيضًا فإذا هو يحاول الجمع بين القراءتين في قوله: {وأرجلكم} خفضًا على المسح -وهو الدلك-، ونصبًا على الغسل، فأوجبهما أخذًا بالجمع بين هذه وهذه».

<<  <  ج: ص:  >  >>