للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٣٣٢ - عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق مَعْمَر- مثله (١). (ز)

٢٢٣٣٣ - عن حُصين [بن عبد الرحمن السلمي]-من طريق هشيم- قال: كان يُقال: مَن حارب فأخاف السبيل وأخذ المال ولم يَقتُل قُطِعَت يده ورجله من خلاف، وإذا أخذ المال وقَتَل صُلِب (٢). (ز)

٢٢٣٣٤ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: فنَهى اللهُ نبيه عليه الصلاة والسلام عن أن يسْمُل أعين العُرَنِيِّين الذين أغاروا على لقاحه، وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزلها الله عليه، فنظر إلى مَن أخذ المال ولم يقتُل فقَطَع يده ورجله مِن خلاف؛ يده اليمنى ورجله اليسرى، ونظر إلى مَن قتل ولم يأخذ مالًا فقتله، ونظر إلى مَن أخذ المال وقَتَل فصَلَبه، وكذلك ينبغي لكلِّ مَن أخاف طريق المسلمين وقطع أن يُصنَع به إن أُخِذ وقد أخَذ مالًا قُطِعت يده بأخذه المال ورجله بإخافة الطريق، وإن قتل ولم يأخذ مالًا قُتِل، وإن قَتَل وأخذ المال صُلِب (٣). (ز)

٢٢٣٣٥ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله}، قال: كان ناس يسعون في الأرض فسادًا وقَتَلوا وقَطَعوا السبيل فصُلِب أولئك، وكان آخرون حاربوا واستحَلَّوا المال ولم يَعْدُوا ذلك فقُطِعت أيديهم وأرجلهم، وآخرون حاربوا واعتزلوا ولم يَعْدُوا ذلك فأولئك أُخرِجوا من الأرض (٤) [٢٠٦٦]. (ز)


[٢٠٦٦] اختلف المفسرون في الخِلال الواردة في الآية أتلزم المحارب باستحقاقه اسم المحاربة، أم يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه مختلفًا باختلاف إجرامه؟ على قولين: الأول: يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه، مختلفًا باختلاف إجرامه. والثاني: الإمام فيه بالخيار أن يفعل أي هذه الأشياء التي ذكرها الله.
ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٣٨١) القول الأول الذي قاله ابن عباس من طريق العوفي، وإبراهيم من طريق حماد، وأبي مجلز، والحسن من طريق سماك، وحصين، وقتادة من طريق سعيد، والسدي، وفضيل بن مرزوق، وسعيد بن جبير، والربيع، ومورق العجلي مستندًا إلى دلالة السنّة فيما مضى ذكره في توجيه القول، وقال: «وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا تأويل من أوجب على المحارب من العقوبة على قدر استحقاقه». وقال (٨/ ٣٨٣): «وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتصحيح ما قلنا في ذلك خبرٌ في إسناده نظر». وساق رواية يزيد بن أبي حبيب عن أنس التي مرت في نزول الآية.
وذكر ابنُ كثير (٣/ ١٠٠) أنّ الرواية تشهد لهذا القول لو صحَّت.
وعلَّق ابنُ عطية (٣/ ١٥٦) على هذا القول بقوله: «وهو أحْوَط للمفتي، وأَصْوَن لدم المحارب».
وانتقد ابنُ جرير (٣٨١ - ٣٨٢) القول الثاني مستندًا لمخالفته اللغة، والسنة، وذلك أنّ «أو» في لغة العرب تأتي بضروب عدة، وهي في هذا الموطن للتعقيب، كقول القائل: جزاء المؤمنين عند الله أن يدخلهم الجنة، أويرفع منازلهم، أو يسكنهم مع الأنبياء. فليس المقصود أنّ جزاء كل مؤمن هو مرتبة من هذه المراتب، بل أن جزاء المؤمن لن يخلو من بعض هذه المنازل. ثم إنّ {أو} لو كانت للتخيير لجاز للإمام قتلُ مَن شهر السلاح مخيفًا السبيل وصلبه، وإن لم يأخذ مالًا ولا قتل أحدًا، وذلك خلاف الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنّ دم المسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث: ارتداد، أو زِنًا بعد إحصان، أو قتل نفس، وأنه لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدًا. ثم قال: «وبعدُ: فإذا كان الإمام مخيرًا في الحكم على المحارب من أجل أن {أو} بمعنى التخيير في هذا الموضع عندك، أفله أن يصلبه حيًّا ويتركه على الخشبة مصلوبًا حتى يموت من غير قتله؟ فإن قال: ذلك له. خالف في ذلك الأمة. وإن زعم أن ذلك ليس له، وإنما له قتله ثم صلبه أو صلبه ثم قتله، ترك علته من أن الإمام إنما كان له الخيار في الحكم على المحارب من أجل أن {أو} تأتي بمعنى التخيير، وقيل له: فكيف كان له الخيار في القتل أو النفي أو القطع ولم يكن له الخيار في الصلب وحده، حتى تجمع إليه عقوبة أخرى؟ وقيل له: هل بينك وبين مَن جعل الخيار حيث أبيت وأبى ذلك حيث جعلته له فرقٌ من أصل أو قياس؟ فلن يقول في أحدهما قولًا إلا ألزم في الآخر مثله».
وذكر ابنُ عطية (٣/ ١٥٦) أنّ في هذا القول سدًّا للذريعة وحفظًا للناس والطرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>