للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قتل وأفسد في الأرض: فإن لم يُؤَمِّنِّي على ذلك ازددتُ فسادًا وقتلًا وأخذًا للأموال أكثر مما فعلتُ ذلك قبل. فعلى الإمام من الحقِّ أن يُؤَمِّنه على ذلك، فإذا أمَّنه الإمام جاء حتى يضع يده في يد الإمام، فليس لأحد من الناس أن يتبعه، ولا يأخذه بدمٍ سفكه، ولا مال أخذه، وكلُّ مالٍ كان له فهو له، لكيلا يقتل المؤمنين أيضًا ويُفسِد، فإذا رجع إلى الله -جلَّ وعزَّ- فهو ولِيُّه يأخذه بما صنع، وتوبته فيما بينه وبين الإمام والناس، فإذا أخذه الإمام وقد تاب فيما يزعم إلى الله -جل ثناؤه- قبل أن يُؤَمِّنه الإمام فليقم عليه الحد (١). (ز)

٢٢٣٨٠ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال: ... {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم}، فمن تاب من قبل أن يُقْدَر عليه فلا سبيل عليه، وليست تحْرُز هذه الآيةُ الرجلَ المسلمَ إذا قتل أو أفسد وحارب مِن أن يُقام عليه الحد، فإن (٢) لحق بأهل الكتاب (٣). (ز)

٢٢٣٨١ - قال مقاتل بن سليمان: ثم استثنى، فقال - عز وجل -: {إلّا الَّذِينَ تابُوا} من الشرك {مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} فتقيموا عليهم الحد، فلا سبيل لكم عليهم. يقول: مَن جاء منهم مُسلمًا قبل أن يؤخذ فإن الإسلام يهدم ما أصاب في كفره مِن قتلٍ أو أخذ مال، فذلك قوله سبحانه: {فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لما كان منه في كفره {رَحِيمٌ} به حين تاب ورجع إلى الإسلام، فأمّا مَن قتل وهو مسلم فارتَدَّ عن الإسلام ثم رجع مسلمًا فإنه يؤخَذ بالقصاص (٤). (ز)

٢٢٣٨٢ - عن الوليد بن مسلم، قال: ذكرت لأبي عمرو [الأوزاعي] قول عروة: يُقام عليه حَدُّ ما فَرَّ منه، ولا يجوز لأحد فيه أمان. فقال أبو عمرو: إن فَرَّ من حَدَثه في دار الإسلام، فأعطاه إمامٌ أمانًا؛ لم يجز أمانه، وإن هو لحق بدار الحرب، ثم سأل إمامًا أمانًا على أحداثه؛ لم ينبغ للإمام أن يعطيه أمانًا، وإن أعطاه الإمام أمانًا وهو غير عالم بأحداثه فهو آمن، وإن جاء أحد يطلبه بدم أو مال رُدَّ إلى مأمنه، فإن أبى أن يرجع فهو آمن، ولا يتعرض له. قال: وإن أعطاه أمانًا على أحداثه وهو يعرفها فالإمام ضامنٌ واجبٌ، عليه عَقْلُ ما كان أصاب من دم أو مال، وكان فيما عطّل من تلك الحدود والدماء آثمًا، وأمره إلى الله جل وعز. قال: وقال أبو عمرو: فإذا


(١) أخرجه ابن جرير ٨/ ٣٩٥.
(٢) كذا في المطبوع، ولعلها: وإن.
(٣) أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٣/ ٨٣ (١٨١).
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٤٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>