للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صُورِيا، أنشُدُك اللهَ وأُذَكِّرُك أيّامَه عند بني إسرائيل، هل تعلم أنّ الله حكم في مَن زنى بعد إحصانه بالرَّجم في التوراة؟». فقال: اللَّهُمَّ نعم، أما واللهِ، يا أبا القاسم، إنّهم لَيعرِفون أنّك نبي مُرْسَل، ولكنهم يحسدونك. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرَ بهما، فرُجِما عند باب مسجده، ثم كفر بعد ذلك ابن صُورِيا، وجحد نُبُوَّةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأنزل الله: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} الآية (١). (٥/ ٣٠٠)

٢٢٤٤٨ - عن أبي هريرة، قال: أولُ مَرْجوم رجَمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود؛ زنى رجلٌ منهم وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنّه نبي بُعِث بتخفيف، فإن أفتانا بفُتيا دونَ الرَّجْم قَبِلناها، واحتَججْنا بها عند الله، وقلنا: فُتيا نبي مِن أنبيائك. قال: فأتَوُا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد وأصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما تَرى في رجل وامرأة منهم زنَيا؟ فلم يُكلِّمْهم كلمةً حتى أتى بيت مِدْراسِهم، فقام على الباب، فقال: «أنشُدُكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تَجِدون في التوراة على مَن زنى إذا أحْصَن؟». قالوا: يُحَمَّمُ، ويُجَبَّهُ، ويُجْلَدُ. -والتَّجْبِيهُ: أن يُحْمَلَ الزانيان على حمار، ويُقابلَ أقفيتُهما، ويطافَ بهما-، وسكت شابٌّ منهم، فلمّا رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - سكَت ألَظَّ به النِّشْدَةَ، فقال: اللَّهُمَّ إذ نَشَدْتَنا، فإنّا نَجِدُ في التوراة الرجم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فما أول ما ارتخَصْتُم أمرَ الله؟». قال: زنى رجلٌ ذو قرابة مِن ملك من ملوكنا، فأخَّر عنه الرجم، ثم زنى رجلٌ في أُسْرَةٍ (٢) من الناس، فأراد رجمه فحال قومُه دونَه، وقالوا: واللهِ، لا يُرْجَمُ صاحبُنا حتى تجيء بصاحبِك فتَرْجمَه. فاصَّلحوا هذه العقوبة بينهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإني أحكُمُ بما في التوراة». فأمَر بهما فَرُجِما. قال الزهري: فبلَغَنا: أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا} [المائدة: ٤٤]. فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم (٣). (٥/ ٣٠١)


(١) أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/ ٥٦٤ - ٥٦٥ - ، والبيهقي في الكبرى ٨/ ٤٣٠ - ٤٣١ (١٧١١٩)، وابن جرير ٨/ ٤١٤ - ٤١٥، من طريق الزهري، عن رجل من مزينة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.
في إسناده رجلٌ مبهم، وهو الرجل من مزينة، ولكن في رواية أبي داود قال الزهري عن الرجل المزني: «ممّن يتبع العلم ويعيه»، وسيأتي التصريح بذلك، ويأتي ثبوت الحديث بألفاظ مقاربة.
(٢) الأسرة: عشيرة الرجل وأهل بيته؛ لأنه يتقوى بهم. النهاية (أسر).
(٣) أخرجه أبو داود ٦/ ٤٩٨ - ٥٠١ (٤٤٥٠)، وعبد الرزاق في المصنف ٧/ ٣١٦ - ٣١٨ (١٣٣٣٠) واللفظ له، وفي تفسيره ٢/ ١٧ - ١٨ (٧٠٦)، وابن جرير ٨/ ٤٥٠ - ٤٥١، من طريق الزهري، عن رجل من مزينة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.
وتقدم الكلام على الإسناد في الحديث السابق، وأما سبب نزول الآية فهو غير مسندٍ؛ حيث قال الزهري: فبلغنا أنّ هذه الآية نزلت فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>