للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٤٤٩ - عن الزهري، قال: كنتُ جالسًا عند سعيد بن المسيب، وعند سعيد رجل يوقره، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية، وكان من أصحاب أبي هريرة، قال: قال أبو هريرة: كنت جالسًا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ، إذ جاءه رجل من اليهود، وكانوا قد أشاروا في صاحب لهم زَنى بعد ما أُحْصِن، فقال بعضهم لبعض: إنّ هذا النبي قد بُعِث، وقد علمتم أن قد فُرِض عليكم الرجم في التوراة فكتمتموه، واصَّلَحْتُم بينكم على عقوبة دونه، فانطلقوا فنسأل هذا النبي، فإن أفتانا بما فُرِض علينا في التوراة من الرجم تركنا ذلك، فقد تركنا ذلك في التوراة، فهي أحق أن تُطاع وتُصَدَّق. فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا القاسم، إنّه زنى صاحبٌ لنا قد أُحْصِن، فما ترى عليه من العقوبة؟ قال أبو هريرة: فلم يرجع إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قام وقمنا معه، فانطلق يَؤُمُّ مِدْراس اليهود، حتى أتاهم، فوجدهم يتدارسون التوراة في بيت المِدْراس، فقال لهم: «يا معشر اليهود، أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ماذا تجدون في التوراة مِن العقوبة على مَن زنى وقد أُحْصِن؟». قالوا: إنا نجده يُحَمَّم، ويُجْلَد. وسكت حَبْرُهم في جانب البيت، فلمّا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صمتَه ألَظَّ يَنشُدُه، فقال حبرهم: اللهم إذ نَشَدْتَنا، فإنّا نجد عليهم الرجم. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟». قال: زنى ابنُ عَمِّ ملكٍ فلم يرجمه، ثم زنى رجل آخر في أُسْرَة من الناس، فأراد ذلك الملك رجمه، فقام دونه قومُه، فقالوا: واللهِ، لا ترجمْه حتى ترجم فلانًا؛ ابنَ عَمِّ الملك. فاصطلحوا بينهم عقوبة دون الرجم، وتركوا الرجم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فإني أقضي بما في التوراة». فأنزل الله في ذلك: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} إلى قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (١) [٢٠٧٨]. (ز)


[٢٠٧٨] علَّقَ ابنُ عطية (٣/ ١٦٧ بتصرف) على هذا الحديث قائلًا: «وفي هذا الحديث اختلاف ألفاظ وروايات كثيرة، وقد وقع في بعض الطرق في حديث أبي هريرة أنّه قال في قصة الرَّجْم: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت مِدْراسهم، وقمنا معه. وهذا يقتضي أنّ الأمر كان في آخر مدة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنّ أبا هريرة أسلم عام خيبر في آخر سنة ست من الهجرة، وقد كانت النضير أُجْلِيَت، وقريظة وقريش قُتِلت، واليهود بالمدينة لا شيء، فكيف كان لهم بيت مِدْراس في ذلك الوقت؟! أو إن كان لهم بيت على حال ذِلَّة فهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتاج -مع ظهور دينه- إلى محاجتهم تلك المحاجة؟! وظاهر حديث بيت المدراس أنه كان في صدر الهجرة، اللهم إلا أن يكون ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عزة كلمته من حيث أراد أن يخرج حكمهم من أيدي أحبارهم بالحجة عليهم من كتابهم، فلذلك مشى إلى بيت مدراسهم مع قدرته عليهم. وهذا عندي يبعد؛ لأنهم لم يكونوا ذلك الوقت يحزنونه، ولا كانت لهم حال يُسَلّى عنها - صلى الله عليه وسلم -».

<<  <  ج: ص:  >  >>