للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٥٦٤ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} قال: يومَ نزلت هذه الآية كان في سَعَة من أمره؛ فإن شاء حكَمَ، وإن شاء لم يحكُمْ. ثم قال: {وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا} قال: نسَختْها: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} (١). (٥/ ٣١٦)

٢٢٥٦٥ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال: قال الله في المائدة: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم}، فنُسِخَت، فقال: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} (٢). (ز)

٢٢٥٦٦ - قال مقاتل بن سليمان: {فَإنْ جاؤُكَ} يا محمد في الرجم {فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ} ... ، ثم نسختها الآية التي جاءت بعدُ، وهي قوله: {وأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ} إلَيكَ في الكتاب أنّ الرجم على المحصن والمحصنة، ولا ترد الحكم، {ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهُمْ} يعني: كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف (٣). (ز)

٢٢٥٦٧ - قال الشافعي في كتاب الجزية (٤): ولا خيار له إذا تحاكموا إليه؛ لقول الله -جل وعز-: {حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: ٢٩] (٥) [٢٠٩١]. (ز)


[٢٠٩١] أفادت الآثار اختلاف أهل التأويل في حكم هذه الآية: {فَإنْ جاءُوكَ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ}، هل هو ثابت اليوم؟ أو منسوخ؟ على قولين.
ورجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ٤٤٤ - ٤٤٥ بتصرف)، وابنُ عطية (٣/ ١٧٢ - ١٧٣)، وابنُ تيمية (٢/ ٤٩٤) عدمَ النسخ في الآية لعدم دليل النسخ، قال ابن جرير: «وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: إن حكم هذه الآية ثابتٌ لم ينسخ، وأن للحكّام من الخِيار في الحكم بين أهل العهد إذا ارتفعوا إليهم فاحتكموا، وتركِ الحكم بينهم والنظر، مثلُ الذي جعله الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك في هذه الآية. وإنما قلنا ذلك أولاهما بالصواب لأنّ القائلين: إنّ حكم هذه الآية منسوخ. زَعموا أنه نسخ بقوله: {وأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أنزلَ اللَّهُ}، وقد دللنا أن النسخ لا يكون نسخًا إلا ما كان نفيًا لحكم غَيْرِه بكلِّ معانيه، حتى لا يجوز اجتماع الحكم بالأمرين جميعًا على صِحَّته بوجه من الوجوه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وإذْ كان ذلك كذلك -وكان غير مستحيل في الكلام أن يقال: وأن احكم بينهم بما أنزل الله. ومعناه: وأن أحكم بينهم بما أنزل الله إذا حكمت بينهم، باختيارك الحكم بينهم، إذا اخترت ذلك، ولم تختر الإعراض عنهم، إذ كان قد تقدَّم إعلام المقول له ذلك من قائِله: إنّ له الخيار في الحكم وترك الحكم- كان معلومًا بذلك أن لا دلالة في قوله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}، أنه ناسخٌ قوله: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئًا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط}؛ لِما وصفنا من احتمال ذلك ما بَيَّنّا، بل هو دليل على مثل الذي دلَّ عليه قوله: {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط}. وإذْ لم يكن في ظاهر التنزيل دليلٌ على نسخ إحدى الآيتين الأخرى، ولا نفي أحد الأمرين حكم الآخر، ولم يكن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبٌر يصحُّ بأن أحدهما ناسخ صاحبَه، ولا من المسلمين على ذلك إجماعٌ، صحَّ ما قلنا من أنّ كلا الأمرين يؤيِّد أحدهما صاحبه، ويوافق حكمُه حكمَه، ولا نسخ في أحدهما للآخر».

<<  <  ج: ص:  >  >>