للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال. ومتهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه؛ فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه. ومنهم الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحيانًا وقد قَبِلَهُ الجهابذة النقاد؛ فهذا يحتج بحديثه. ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو؛ فهذا يُكْتَبُ من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. وخامس قد ألصق نفسه بهم ودلّسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولى المعرفة منهم الكذب؛ فهذا يترك حديثه ويطرح روايته" (١).

وقال الخطيب البغدادي: "وينبغي للمحدث أن يتشدد في أحاديث الأحكام التي يفصل بها بين الحلال والحرام؛ فلا يرويها إلا عن أهل المعرفة والحفظ وذوي الإتقان والضبط، وأما الأحاديث التي تتعلق بفضائل الأعمال وما في معناها فيحتمل روايتها عن عامة الشيوخ" (٢).

وقال ابن عبد البر: "وأهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كل، وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام" (٣).

وقال أيضًا: "والفضائل تُروى عن كل أحد، والحجة من جهة الإسناد؛ إنما تتقصَّى في الأحكام وفي الحلال والحرام" (٤).

وقال البيهقي: "وأما النوع الثاني من الأخبار؛ فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين: (ضرب) رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه؛ فهذا الضرب لا يكون مستعملًا في شيء من أمور الدين إلا على وجه التَّلْيين. . .، وضرب لا يكون راويه متهمًا بالوضع، غير أنه عرف بسوء الحفظ وكثرة الغلط في رواياته، أو يكون مجهولًا لم يثبت من عدالته وشرائط قبول خبره ما يوجب القبول؛ فهذا الضرب من الأحاديث لا يكون مستعملًا في الأحكام، كما لا تكون شهادة من هذه صفته مقبولة عند الحكّام، وقد يستعمل في الدعوات والترغيب والترهيب، والتفسير والمغازي فيما لا يتعلق به حكم" (٥).


(١) مقدمة الجرح والتعديل ص ١٠.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢/ ٩٠.
(٣) جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٠٣.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٥٢.
(٥) دلائل النبوة للبيهقي ١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>