وجدير بالذكر هنا في ختام الحديث عن تلك الجهة الإلماح إلى عدة أمور:
• خلو واقع الرواية في الأزمنة الأولى من الكذب والبدع كان أحد المستندات التي سوغت للبعض قبول مراسيل كبار التابعين، وهذا مما يؤكد أهمية الوعي بالواقع وأثره في الرواية.
• أن وظيفة الإسناد بيان "اتصال النسب العلمي بين راوي الشيء وصاحب الشيء المروي، حتى يثبت العلم بذلك المروي على وجه من الصحة"(١).
• أن مدار الحكم بصحة الرواية وإن كان مرتبطًا بالإسناد إلا أنه ليس منحصرًا في الإسناد، ولا يستقل به الإسناد كما هو ظاهر كثير من التطبيقات المعاصرة؛ بل في حصره في الإسناد تقزيم لمنهج النقد الحديثي وتشويه لصورته؛ لأن النقاد كان نظرهم كما سبق إلى أركان الخبر الثلاثة متفرقة ومجتمعة، فينظرون إلى كل ركن منها على حدة ولا يتجاسرون بإصدار الحكم وفق النتائج الجزئية التي أفرزتها النظرة إلى كل ركن؛ بل يعيدون النظر إليها مرة أخرى مكتملة ويلمحون ما بينها من ارتباط وتأثر وتأثير وتنافر وتقارب، فيعلون المتن بالسند، ويعلون السند بالمتن. . . إلخ مما سبقت الإشارة إليه.