للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم يهب، فكلموا تميمًا وصاحبه، فسألوهما: هل باع صاحبنا شيئًا؟ أو اشترى شيئًا فخسر فيه؟ أو طال مرضه فأنفق على نفسه؟ فقالا: لا. قالوا: فإنّا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبُنا. فقالا: ما لنا بما أبدى، ولا بما كان في وصيته علم، ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغناكم إياه. فرفعوا أمرهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ} الآيات، فحلَّفهما النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المنبر بعد صلاة العصر، فحلفا أنهما لم يخونا شيئًا من المال، فخلّى سبيلهما، فلما كان بعد ذلك وجدوا الإناء الذي فقدوه عند تميم الداري، قالوا: هذا من آنية صاحبنا الذي كان أبدى بها، وقد زعمتما أنه لم يبِع، ولم يشترِ، ولم ينفق على نفسه. فقالا: قد كُنّا اشتريناه منه، فنسينا أن نخبركم به. فرفعوهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الثانية، فقالوا: يا رسول الله، إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا. فأنزل الله - عز وجل -: {فَإنْ عُثِرَ عَلى أنَّهُما اسْتَحَقّا إثْمًا فَآخَرانِ} من أولياء الميت، يعني: عبد الله بن عمرو بن العاص، والمطلب بن أبي وداعة السهميان، {يَقُومانِ مَقامَهُما} يعني: مقام النصرانيين {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ} يعني: فيحلفان بالله في دُبُر صلاة العصر أنّ الذي في وصية صاحبنا حقٌّ، وأنّ المال كان أكثر مما أتيتمانا به، وأنّ هذا الإناء لَمِن متاع صاحبنا الذي خرج به معه، وكتبه فِي وصيته، وأنكما خنتما. فذلك قوله سبحانه: {لَشَهادَتُنا} يعني: عبد الله بن عمرو بن العاص، والمطلب، {أحَقُّ مِن شَهادَتِهِما وما اعْتَدَيْنا إنّا إذًا لَمِنَ الظّالِمِينَ} فحلف عبد الله والمطلب كلاهما أنّ الذي في وصية الميت حقٌّ، وأنّ هذا الإناء من متاع صاحبنا. فأخذوا تميم بن أوس الداري وعدى بن [بَدّاء] النصرانيين بتمام ما وجدا في وصية الميت حين اطلع الله - عز وجل - على خيانتهما في الإناء، ... وأن تميم بن أوْس الداري اعترف بالخيانة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ويحك، يا تميم، أسلم يتجاوز الله عنك ما كان فِي شركك». فأسلم تميم الداري، وحسُن إسلامه، ومات عَدِيُّ بن [بَدّاء] نصرانيًّا (١). (ز)

٢٤١٣٥ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم} الآية كلها، قال: هذا شيء حين لم يكن الإسلام إلا بالمدينة، وكانت الأرض كلها كفرًا، فقال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٥١١ - ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>