للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هاهنا موضع الحساب. فيسمع النداءَ جميعُ الناس، فيُقبلون نحو الصوت، فإذا اجتمعوا ببيت المقدس زفرت جهنم زفرةً لا يبقى ملَك مُقَرَّب ولا نبي مرسل إلا ظنَّ أنه لو جاء بعمل سبعين نبيا ما نجا، فعند ذلك تاهت عقولهم، فيقول لهم عند ذلك -يعني: المرسلين-: {ماذا أُجِبْتُمْ} في التوحيد. {قالُوا لا عِلْمَ لَنا إنَّكَ أنْتَ عَلّامُ الغُيُوبِ}. ثم رجعت عقولهم بعد ذلك إليهم، فشهدوا على قومهم أنهم قد بلَّغوا الرسالة عن ربهم، فذلك قوله سبحانه: {ويَقُولُ الأَشْهادُ} يعني: الأنبياء {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ} [هود: ١٨] (١). (ز)

٢٤٢٨٤ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قوله: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم}، يقول: ماذا عملوا بعدكم، وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: {قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب} [٢٢٠٤] (٢). (ز)

٢٤٢٨٥ - عن أحمد بن أبي الحَوارِيّ، قال: قلت لإسحاق بن خلف: قوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا}، قلت: أليس قد علموا ماذا عليهم في الدنيا؟ قال: بلى، ولكن مِن عِظَم قول السؤال طاشت عقولهم، فلم [يدروا] ما أُجيبوا، فإذا رجعت إليهم بعدُ عرفوا. فحدّث به أبو سليمان [الدراني]، فقال: هم في سماعهم تلك صادقين، ثم ترجع إليهم عقولهم بعد، فيخبر بما أجيبوا (٣). (ز)


[٢٢٠٤] انتَقَد ابنُ جرير (٩/ ١١٢) قولَ ابن جُرَيج مستندًا لدلالة اللغة، والعقل بقوله: «وأما الذي قاله ابن جُرَيْج ... فتأويلٌ لا معنى له، لأن الأنبياء لم يكن عندها من العلم بما يحدث بعدها إلا ما أعلمها الله من ذلك، وإذا سئلت عما عملت الأمم بعدها والأمر كذلك فإنما يُقال لها: ماذا عرفناك أنه كائن منهم بعدك؟ وظاهر خبر الله -تعالى ذِكْرُه- عن مسألته إياهم يدل على غير ذلك».
وبنحوه ذهب ابنُ عطية (٣/ ٢٩٤)، فقال: «لكن لفظة {أُجِبْتُمْ} لا تساعد قول ابن جريج إلا على كُرْه». ووجَّهه بقوله: «وهذا معنًى حسنٌ في نفسه، ويؤيده قوله تعالى: {إنَّكَ أنْتَ عَلّامُ الغُيُوبِ}».

<<  <  ج: ص:  >  >>