ورجَّح ابنُ جرير (٩/ ١١٢) القول الأخير الذي قاله ابن عباس من طريق علي مستندًا إلى دلالة القرآن، والعقل، فقال: «لأنه -تعالى ذِكْرُه- أخبر عنهم أنهم قالوا: {لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب}، أي: أنك لا يخفى عليك ما عندنا من علم ذلك ولا غيره من خفي العلوم وجليِّها. فإنما نفى القوم أن يكون لهم بما سئلوا عنه من ذلك علم لا يعلمه هو -تعالى ذكره-، لا أنهم نفوا أن يكونوا علموا ما شاهدوا، كيف يجوز أن يكون ذلك كذلك وهو -تعالى ذكره- يخبر عنهم أنهم يخبرون بما أجابتهم به الأمم، وأنهم سيشهدون على تبليغهم الرسالة شهداء، فقال -تعالى ذكره-: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [البقرة: ١٤٣]». وكذا رجَّحه ابنُ عطية (٣/ ٢٩٤) مستندا إلى دلالة العقل، فقال: «لأنه يتخرج على التسليم لله تعالى ورد الأمر إليه، إذ قوله: {ماذا أُجِبْتُمْ} لا علم عندهم في جوابه إلا بما شوفهوا به مدة حياتهم، وينقصهم ما في قلوب المشافهين من نفاق ونحوه، وما ينقصهم ما كان بعدهم من أمتهم، والله تعالى يعلم جميع ذلك على التفصيل والكمال. فرأوا التسليم له والخضوع لعلمه المحيط». ووجَّهه (٣/ ٢٩٤) بقوله: «وهذا حسن، كأن المعنى: لا علم لنا يكفي وينتهي إلى الغاية». وعلَّق عليه ابنُ كثير (٥/ ٤١١) بقوله: «ولاشك أنه قول حسن»، ثم ذكر أنه من باب التأدب مع الله.