مِن الظالم، وللمملوك مِن المالك، وللضعيف مِن الشديد، وللجَمّاءِ مِن القَرناء، حتى يُؤدّى إلى كلِّ ذي حقٍّ حقُّه، فإذا أُدِّيَ إلى كلِّ ذي حقٍّ حقُّه أُمِر بأهلِ الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، فلما أُمِرَ بأهل النار إلى النار اختَصَموا، فقالوا:{ربنا هؤلاء أضلونا}[الأعراف: ٣٨]، و {ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار}[ص: ٦١]. فيقول الله تعالى:{لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد}[ق: ٢٨]، إنما الخصومةُ بالموقف، وقد قَضَيتُ بينَكم بالموقف، فلا تَختصِموا لديَّ. وأَمّا قوله:{اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم} فهذا يومَ القيامة، حيثُ يَرى الكفارُ ما يُعطِي اللهُ أهلَ التوحيد مِن الفضائل والخير، يقولون: تَعالَوا حتى نَحلِفَ بالله ما كُنّا مشركين. فتتكَلَّمُ الأيدي بخلافِ ما قالتِ الألسن، وتَشهدُ الأرجلُ تصديقًا للأيدي، ثم يَأذنُ الله للأفواهِ فتَنطِقُ، فقالوا لجُلُودِهم: لمَ شَهِدتُم علينا؟ قالوا: أنطَقَنا الله الذي أنطَق كلَّ شيءٍ (١).
(٥/ ٥٨٨)
٢٤٢٧٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق الأعمش- في قوله:{يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم}، قال: فيَفزَعون، فيقولُ: ماذا أُجِبتُم؟ فيقولون: لا علمَ لنا. فتُرَدُّ إليهم أفئدتُهم، فيَعلَمون (٢)[٢٢٠٢]. (٥/ ٥٨٧)
٢٤٢٨٠ - عن الحسن البصري -من طريق عنبسة- في قوله:{فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا}، قال: مِن هولِ ذلك اليوم (٣). (٥/ ٥٨٨)
٢٤٢٨١ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله:{يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا}، قال: ذلك أنهم نزَلوا منزِلًا ذَهِلَت فيه العقول، فلما سُئِلوا قالوا: لا علمَ لنا. ثم نزَلوا منزلًا آخر فشَهِدوا على قومهم (٤). (٥/ ٥٨٧)
[٢٢٠٢] حكى ابنُ عطية (٣/ ٢٩٤) انتقادَ قول مجاهد استنادًا للقرآن، والدلالات العقلية، فقال: «وضعَّف بعضُ الناس هذا المنزع بقوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} [الأنبياء: ١٠٣]، والأنبياء في أشد أهوال يوم القيامة وحالة جواز الصراط يقولون: سلِّم، سلِّم. وحالهم أعظم، وفضل الله عليهم أكثر من أن تذهَل عقولهم حتى يقولوا ما ليس بحقٍّ في نفسه».