للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلم، أذهبُ إلى حديث عمرو بن شعيب. قيل له: تحتج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده؟ قال: ليس كلها. روى هذا فقهاء أهل المدينة قديمًا، ويُروى عن عثمان رحمه اللَّه" (١).

وذكر ابن رجب كلام العلماء في الاحتجاج بالمرسل، ثم قال: "واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب؛ فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعيّن إذا كان مرسلًا، وهو ليس بصحيح على طريقتهم؛ لانقطاعه وعدم اتصال إسناده. وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دلَّ عليه الحديث فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أنه له أصلًا قوي الظن بصحة ما دل عليه فاحتج به مع ما احتف به من القرائن.

وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة، كالشافعي وأحمد وغيرهما مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ" (٢).

ونقل ابن حجر عن ابن عبد البر حكمه على حديث بالصحة مع ظهور ضعف إسناده ثم علق بقوله: "حَكَمَ ابن عبد البر -مع ذلك- بصحته لتلقي العلماء له بالقبول، فردَّه من حيث الإسناد وقبله من حيث المعنى" (٣).

وقد ذكر السيوطي عن طائفة من العلماء أنه "يحكم للحديث بالصحة إذا تلقاه العلماء بالقبول وإن لم يكن له سند صحيح" (٤).

يقول الشريف حاتم العوني: "كان المحدِّثون يفرقون بين شروط قبول الحديث النبوي وبين تحقق القبول سواء في الحديث النبوي أو في غيره من العلوم الشرعية. ومن أمثلة ذلك:

أن الإمام الأوزاعي سئل عن المناولة -أن يناول الشيخ الطالب الكتاب- فقال: أتدين بها ولا أحدث بها.

فانظر كيف فرَّق بين شروط القبول المطلوبة في الحديث وبين القبول. فقوله: "أتدين بها"؛ يعني: أنه يقبلها ويحتج بها وإن كان لا يستجيز أن يروي بما أخذه مناولة.


(١) أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض من كتاب الجامع للخلال ٢/ ٣٨٧ برقم (٨٦٧).
(٢) شرح علل الترمذي لابن رجب ١/ ٥٤٣.
(٣) التلخيص الحبير ١/ ٨.
(٤) البحر الذي زخر شرح ألفية الأثر ٣/ ١٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>