وقريب من هذا ما ذكره ابن رجب في مسألة المرسل، ومحاولة الجمع بين مذهب الفقهاء والمحدِّثين في هذه المسألة. . . ولذا لأن من شروط الصحة الاتصال، ولا يعني ذلك أن المحدِّثين لا يحتجون بالحديث المرسل المعتضد لكنهم لا يصفونه بأنه صحيح بإطلاق اللفظ الاصطلاحي.
إذن، هناك فرق عند المحدثين بين الحجة والصحيح، فدلالة لفظ الحجة أوسع من دلالة لفظ صحيح؛ فدلالة لفظ صحيح لها شروط معينة غير دلالة حجة، ولذا فقد يحتجون بأحاديث مراسيل ولا يطلقون عليها لفظ الصحة" (١).
فيتحرر من هذا أن لا تلازم في المروي عن غير رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين مقام ثبوت الرواية عن قائلها ومقام صحة المعنى التفسيري وصوابه، فقد تكون الرواية في أعلى درجات الثبوت والصحة إِلا أن معناها خطأ لا يصح تفسير الآية به، وقد تكون الرواية ضعيفة إِلا أن معناها يصح تفسير الآية به، وهذا المبحث وما بعده يفيد في تقييم ظاهرة جديدة طفت على الساحة العلمية في الحياة المعاصرة وهي تجريد الكتب من الآثار الضعيفة وإخراج ما يسمى بـ "صحيح التفسير"، "صحيح الفقه"، "صحيح السيرة" وسيأتي الحديث عن ذلك ضمن تتمات هذا الفصل.